Sentissi… When Clearing the Government Becomes Easier Than Clearing the Deals

دخل إدريس السنتيسي، رئيس فريق الحركة الشعبية، إلى نقاش صفقات الأدوية من الباب الذي كان يبدو مغلقاً: باب الطمأنة.
طمأن الحكومة أولاً حين شدّد على أنه لا أحد يتهمها بالاختلاس أو سوء النية، لكنه في الجملة التالية مباشرةً رفع سقف الأسئلة حين قال بصراحة:
هل توجد فعلاً حالات تضارب مصالح في هذا الملف؟

سؤال من هذا الوزن لا يُطرح إلا عندما يصبح الغبار أثخن من أن تزيحه البلاغات، وعندما تصبح الرواية الرسمية أقل قدرة على إقناع الرأي العام أو حتى النواب أنفسهم.

السنتيسي بدا كمن يمشي على خط رفيع بين خيارين:
حماية الحكومة من الاتهام المباشر، وترك مساحة كافية لمساءلتها.
لذلك أكّد أن المطالبة بتشكيل لجنة تقصّي الحقائق ليست مواجهة مع المستثمرين ولا تشكيكاً في القطاع الخاص، بل خطوة ضرورية لحماية المصلحة العامة وإعادة بناء الثقة في مسار الصفقات العمومية.

ولأن الجميع يدرك أن صفقات الدواء ليست مجرد شراء علب وجرعات، بل منظومة واسعة من التراخيص، والملفات التقنية، وسلاسل الإمداد، والعلاقات المهنية، عاد السنتيسي ليذكّر بأن النواب أغلبيةً ومعارضةً لم يأتوا لملء القاعات، بل لتمثيل مواطنين ينتظرون جواباً بسيطاً في مضمونه، كبيراً في دلالته:
من المستفيد الحقيقي من هذا الغموض الذي يحيط بالصفقات؟

ورغم أن خطابه حمل رغبة واضحة في تهدئة النقاش، إلا أنه كشف شيئاً آخر:
أن حجم الشكوك أصبح أكبر من قدرة أي تصريح على احتوائه، وأن الثقة في منظومة الصفقات لا تُستعاد بالجمل الموزونة، بل بمصارحة كاملة للوقائع… مهما كان وقعها ثقيلاً أو محرجاً.

وفي النهاية، حين يقول رئيس فريق برلماني إن لجنة تقصّي الحقائق “ليست إدانة سياسية للحكومة”، فهذه الجملة وحدها تكشف حجم ما يدور في الكواليس، وما يتداوله البرلمانيون بعيداً عن الميكروفونات.
فالملفات التي تحتاج إلى تبرئة مسبقة… غالباً ما تكون هي نفسها الملفات التي تحتاج إلى تحقيق فعلي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version