عاد النقاش حول الخريطة الانتخابية إلى واجهة البرلمان، بعدما قدّم عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، مداخلة مطوّلة خلال المناقشة العامة لمشاريع النصوص المرتبطة بالمنظومة الانتخابية، التي ناقشتها لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة والشؤون الإدارية يوم الأربعاء.

في مداخلته، اعتبر شهيد أن التقسيم الانتخابي الحالي يحتاج مراجعة هادئة وموضوعية، موضحاً أن الأرقام المتوفرة تُظهر ميلاً واضحاً لصالح الأغلبية داخل عدد من الدوائر.
وبحسب رأيه، فإن تمكين الأغلبية من مقعدين في بعض الأقاليم، مقابل مقعد واحد للمعارضة أو دون تمثيلية كافية، يؤدي إلى اختلال في التوازن داخل المؤسسة التشريعية، ويجعل عدداً من الأصوات السياسية غير معبَّر عنها بالشكل المطلوب.

وأكد شهيد أن المغرب يعتمد منذ سنوات معايير دقيقة في تنظيم الانتخابات، لكن التطورات الديمغرافية وتغيّر طبيعة التوزيع السكاني تستدعي، بحسب تعبيره، تحديث الخريطة الانتخابية، حتى تكون أكثر قرباً من المعايير الدولية، خاصة تلك القائمة على العدالة التمثيلية وضمان وزن انتخابي متقارب بين مختلف الدوائر.

وتوقّف رئيس الفريق الاتحادي عند المذكرة التي رفعها حزبه بخصوص إعادة هيكلة الدوائر الجهوية، خصوصاً الدوائر الخاصة بالنساء، مشيراً إلى أن التجربة الحالية أظهرت الحاجة إلى إضافة دوائر جديدة داخل الجهة، يتراوح عدد مقاعدها بين أربعة وسبعة وفق الكثافة السكانية.
الهدف من هذا المقترح، كما يوضح، هو تعزيز تمثيلية النساء داخل المؤسسات المنتخبة، والاقتراب أكثر من الهدف الدستوري المتعلق ببلوغ نسبة الثلث.

وبخصوص مشاركة الشباب في العملية الانتخابية، رحّب شهيد بالمبدأ المتعلق بتمويل الحملات الانتخابية للمترشحين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، معتبراً أن هذه الخطوة قد تفتح المجال أمام طاقات جديدة للانخراط في الحياة السياسية.
غير أنه شدّد على ضرورة وضع ضمانات قانونية وتنظيمية واضحة لضبط مسار هذا التمويل، لضمان استعماله في الإطار الصحيح وبما يخدم المشاركة السياسية بشكل فعلي.

وأكد أنه من المهم أن يتم تدقيق هذه الآلية ضمن القانون التنظيمي، مع توفير رقابة فعّالة تضمن استعمالاً شفافاً للموارد المخصصة، وأن يظل دور الأحزاب مركزياً في التأطير والتكوين السياسي، باعتبارها الفاعل الأساسي في إعداد الأجيال الجديدة من القيادات.

وبالنسبة للنقاش العام، يوضح شهيد أن موضوع التقسيم الانتخابي لا يمكن النظر إليه باعتباره شأناً تقنياً فقط، بل هو جزء من صورة أشمل تتعلق بمستقبل التمثيلية السياسية في البلاد، وبكيفية ترجمة الواقع الديمغرافي والاجتماعي داخل المؤسسات المنتخبة.
ولذلك، يرى أن المرحلة المقبلة ستكون مناسبة لإعادة فتح حوار واسع بين مختلف الفاعلين السياسيين حول أفضل السبل لضمان توازن انتخابي أكبر، يساهم في تعزيز الثقة في المسار الديمقراطي.

ويبدو أن النقاش الحالي داخل البرلمان، مهما اختلفت وجهات النظر بشأنه، يشير إلى وعي متزايد لدى مختلف الفرق البرلمانية بضرورة تطوير المنظومة الانتخابية، بما يجعلها أقرب إلى احتياجات المرحلة، وأكثر انسجاماً مع تطلعات المواطنين، وأدقّ في عكس الخريطة الحقيقية للتنوع السياسي داخل المغرب.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version