Abderrahim Bouaida: “We Are Legislating in an Era Where Politics Has Become the Craft of the Unskilled”

قال النائب البرلماني عبد الرحيم بوعيدة، يوم الخميس داخل اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، إن المغرب يعيش لحظة سياسية دقيقة تُحتّم إعادة طرح السؤال الذي يبدو بسيطاً في ظاهره، لكنه جوهري في عمقه: ما معنى السياسة؟
وهل ما تزال مرتبطة بالكفاءة والمسؤولية، أم أنها تحوّلت، عبر السنوات، إلى “حرفة من لا حرفة له”؟

جاءت مداخلة بوعيدة بوضوح غير معتاد تحت القبة، إذ اعتبر أن مناصب المسؤولية أصبحت تُمنح أحياناً لأشخاص بلا مؤهلات حقيقية، وأن بعض الأحزاب تمنح التزكيات بمنطق لا علاقة له بالكفاءة، بل بالمال أو النفوذ، قبل أن تلجأ إلى تحميل وزارة الداخلية كامل المسؤولية عن اختيارات هي في الأصل نتاج بنيتها الداخلية.

وأوضح أن البرلمان بات يضم مناصب تتطلب خبرة سياسية وقانونية عالية، لكن الممارسة الحالية تُظهر أن التزكيات تُمنح لأشخاص “لا علاقة لهم بما يُكتب في سيرهم الذاتية”. وهنا تبرز المفارقة: فجوة واسعة بين النصوص القانونية من جهة، والفاعلين المكلّفين بتفعيلها من جهة أخرى.
وتساءل بوعيدة بحدة: كيف نُطوّر القوانين بينما الذهنيات التي تُسيّر المؤسسات عاجزة عن استيعاب أساسيات السياسة؟

وأضاف أن السياسة في بعض المناطق تحولت إلى مجال مفتوح لمن يبحث عن الامتيازات، لا عن خدمة الصالح العام، مستشهداً بوجود أكثر من 30 برلمانياً في السجن بتهم مختلفة. وهو رقم، بحسب بوعيدة، يعكس انهياراً أخلاقياً وانحرافاً خطيراً للصفة الانتدابية عن معناها الأصلي.

وشدد بوعيدة على أن الإشكال الأساسي لا يكمن في التشريعات، بل في الأخلاق السياسية التي تُفرغها من مضمونها، مؤكداً أن قوة النصوص تتآكل حين تغيب الشجاعة داخل الأحزاب لمواجهة اختياراتها ومساءلة أعطابها. واعتبر أن استعمال مفاهيم قانونية غير دقيقة داخل نصوص القوانين الانتخابية عمّق التناقضات ووسّع الهوة بين الدستور والممارسة.

ومع اقتراب الانتخابات المقبلة، حذّر من تكرار نفس الاختلالات، قائلاً: “من يدخل إلى البرلمان ليس دائماً من يستحق، ومن يغادره ليس دائماً من يجب أن يغادر”. ثم طرح السؤال الذي ظل صامتاً لسنوات:
من ندخل فعلاً إلى المؤسسات؟ هل يأتون لحماية الوطن… أم لجمع الامتيازات؟

وفي لحظة صراحة نادرة تحت القبة، قال بوعيدة إن تجربته البرلمانية الأولى “لا تمنح أي أمل في العودة إلى البرلمان”، معتبراً أن الممارسة السياسية كما هي اليوم لا تشجع على الإصلاح، ولا تمنح الشباب أي أفق، بل تزيد من عمق الهوة بين المجتمع وممثليه.

تقدّم مداخلة بوعيدة، بزمانها ومكانها وسياقها، مرآة صافية تعكس جوهر الأزمة السياسية في المغرب: أزمة ثقة. فالقوانين، مهما بلغت دقتها، لا تستطيع إصلاح واقع تحكمه العقليات القديمة، ولا مشهداً حزبياً لم يقرر بعد الدخول في مراجعة نقدية حقيقية.
وإذا كانت السياسة قد صارت فعلاً “حرفة من لا حرفة له”، فإن بدء الإصلاح يكون من داخل الأحزاب، قبل أي تعديل قانوني أو تشريعي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version