Who Recorded and Who Leaked? What Lies Beneath Could Be Greater: The New Footage Shakes Media Ethics in Morocco and Confronts the Public Prosecutor with Questions of Legitimacy and Transparency

عاد الجدل حول أخلاقيات تنظيم الصحافة في المغرب إلى الواجهة بقوة، بعد نشر الصحافي حميد المهداوي مقطعاً طويلاً ومفصلاً من داخل اجتماع لجنة التأديب التابعة للجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر.
مقطع وصفه بكونه “التسريب الأخطر في تاريخ الجهاز”، فيما ردّت اللجنة ببلاغ شديد اللهجة أعلنت فيه عزمها اللجوء إلى القضاء ضدّه وضدّ كل من شارك في نشر المحتوى.
غير أن الضجة هذه المرة تجاوزت مضمون الفيديو والرد الرسمي عليه، لتصل إلى السؤال الذي هزّ الرأي العام المهني والوطني: من سجّل؟ ومن كان يملك القدرة والصلاحية على إخراج تسجيل من اجتماع يُفترض أنه مغلق ومحاط بالسرّ المهني؟

في الوقت الذي تؤكد فيه اللجنة المؤقتة أن ما نُشر “غير قانوني” ويشكّل اعتداءً على سرية المداولات، يقدّم المهداوي رواية معاكسة تعتبر أن السرّ المهني يلزم أعضاء اللجنة ومسؤوليها فقط، لا الصحافي الذي ينشر ما يصل إليه من معلومات.
وعليه، فإن المخالفة الحقيقية في نظره ليست في النشر، بل في عملية التسجيل من الداخل: من قام بها، ولماذا، وكيف وصلت المادة إلى الخارج؟ هذا التناقض كشف فجوة واضحة في البنية الأخلاقية للجهاز الذي يُفترض أنه حارس المهنة وتنظيمها، خصوصاً بعدما حمل التسجيل إشارات مثيرة للجدل بشأن حضور أشخاص ليست لهم صفة تقريرية، وتوجيهات إدارية خارج الإطار القانوني، وتداولات هاتفية خلال المداولة نفسها.

العنوان ذاته “من سجّل ومن سرّب… وما خفي كان أعظم” يعكس طبيعة اللحظة.
فالسؤال الأول حول الجهة التي سجّلت هو مفتاح الأزمة، أما السؤال الثاني حول الجهة التي سرّبت ولماذا اختارت هذا التوقيت بالذات، فيفتح الباب على احتمالات أكبر.
فإذا كان التسجيل محفوظاً لعدة أشهر قبل نشره، فهذا يعني أنه لم يظهر مصادفة؛ بل خرج في لحظة محسوبة.
وهذا وحده يحمّل الواقعة بعداً سياسياً ومهنياً يتجاوز الأشخاص، ولا يستبعد وجود مقاطع أخرى لم تُكشف بعد، مما يجعل عبارة “وما خفي كان أعظم” احتمالاً أكثر من كونها مجازاً.

وفي خضم الجدل، برزت الفقرة التي ورد فيها ذكر النيابة العامة داخل التسجيل، وهي إشارة أثارت حساسية خاصة بحكم مكانة المؤسسة القضائية.
العنوان لا يوجه الاتهام إلى النيابة العامة، لكنه يعكس حقيقة أن مجرد ذكرها في سياق مداولات تأديبية يضعها أمام أسئلة جوهرية تتعلق بمدى استقلال القضاء، وبضرورة حماية رمزيته من أي توظيف أو تأويل قد يُفهم على أنه ضغط أو تأثير غير مباشر.

وعلى المستوى القانوني، يظل السؤال المحوري هو: من الملزم بالسرّية؟ ومن يملك حق النشر؟ اللجنة المؤقتة تعتبر أن كل نشر لمداولات داخلية هو جريمة، بينما يرى المهداوي أن السرّية تلزم الجهاز الداخلي فقط، وأن مهمة الصحافة هي الكشف حين يتعلّق الأمر بما يعتبره خرقاً أخلاقياً أو مهنياً.
وبين الروايتين، بقيت حقيقة واحدة ثابتة: وجود تسجيل داخلي لم يكن ينبغي أن يوجد في الأصل.
وبذلك تصبح مساءلة النشر لاحقة لمساءلة التسجيل.

أما السؤال الأكثر عمقاً فيتعلق بالتوقيت: لماذا خرج هذا التسجيل الآن؟ من احتفظ به؟ ولماذا لم يُقدّم كوثيقة رسمية عند وقوع المداولات؟ وهل كان هذا التسريب حلقة في صراع داخلي حول مستقبل الجهاز، أم نتيجة طبيعية لتراكمات مهنية وسياسية امتدت لسنوات؟ في ظل غياب أجوبة واضحة، تبقى كل الاحتمالات قائمة، وبخاصة احتمال أن ما تم نشره ليس سوى الجزء الأول من صورة أكبر.

ومهما كان المسار القانوني المقبل، فإن هذه الواقعة وضعت المنظومة كلها أمام حقيقة صعبة: لا يمكن الحفاظ على تنظيم مهني قوي دون ثقة.
والثقة لا تبنى بالبلاغات ولا بالتحذيرات، بل بالشفافية الكاملة، والمساءلة الواضحة، والاستقلالية الفعلية في اتخاذ القرار التأديبي. وإلى أن تُكشف حقيقة من سجّل ومن سرّب، ستظل أزمة التنظيم الذاتي في المغرب مفتوحة على أكثر من اتجاه، بينما يشير كل ما ظهر حتى الآن إلى أن ما خفي قد يكون فعلاً أعظم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version