في عز موجة الحر التي تحرق المدن والقرى وتُذيب أعصاب المغاربة، خرجت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، لتكشف أن استهلاك المكيفات الكهربائية في بلادنا بلغ رقماً قياسياً يوم 30 يونيو، وصل إلى 7.9 جيغا واط، أي بزيادة 5% مقارنة مع العام الماضي. رقم مخيف، يعكس العطش الطاقي الذي يلتهم جيوب المواطنين مع كل موجة حرّ جديدة.
لكن المفاجأة؟ الوزيرة تقترح العودة إلى البناء التقليدي، الطين والحجر، في القرى والمناطق الجبلية، وكأن الحل لمواجهة لهيب الشمس هو إحياء منازل الأجداد بدل مواجهة الأزمة بتسقيفات حديثة وعزل حراري فعّال، أو دعم الفئات الهشة بفواتير أقل.
بنفس الروح، اعترفت بنعلي في جلسة برلمانية أن المنظومة الكهربائية تتجه إلى ضغط أكبر خلال الأيام المقبلة، خصوصاً مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة. ومع ذلك، يظل المواطن وحده في الواجهة، بين سندان موجة الحر ومطرقة الفواتير المرتفعة.
وعن الإجراءات، تحدثت الوزيرة عن قرار مشترك مع وزارة الصناعة والتجارة، يفرض معيار الأداء الطاقي الأدنى للمكيفات في المدن، بينما القرى يُترك لها “الحل السحري” للبناء التقليدي، المستوحى من جدران الحوز الحجرية، تلك التي “لا تتجاوز حرارتها 25 درجة”، حسب قولها.
وفي ملف آخر، سلطت الوزيرة الضوء على مشاريع الهيدروجين الأخضر، واصفةً العرض المغربي بـ”المبتكر”، مشيرة إلى أن المغرب يطمح لإنتاج 20 جيغا واط من الطاقات المتجددة، و8 ملايين طن من الأمونيك الأخضر والفولاذ الأخضر، عبر سبع مشاريع ضخمة، تركز أساساً في الجهات الجنوبية.
لكن، رغم هذه الطموحات “الخضراء”، يظل المواطن المغربي يتصبب عرقاً في بيته، ويقترض أحياناً لتسديد فاتورة الكهرباء، بينما الحكومة مشغولة بخطط تكنولوجية مستقبلية لا يلمس منها المواطن سوى الشعارات.
في نهاية المطاف، يبقى السؤال مطروحاً: هل نريد فعلاً مغرباً “أخضر” يرفع الراية في المؤتمرات الدولية، أم مغرباً دافئاً يحمي أبناءه من الشمس والفقر في نفس الوقت؟