بقرار صادر عن وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، تم إعفاء رئيس جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، محمد العربي كركب، وذلك على خلفية حفل تخرج أقيم داخل المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، وشهد عروضاً فنية شعبية اعتُبرت منافية للطابع الأكاديمي للمؤسسة.

الحدث الذي وُثق بالصوت والصورة، لم يكن سرياً ولا عفوياً، بل تم تنظيمه وسط فضاء جامعي رسمي، بحضور مسؤولين، ومشاركة فنانين، وفرقة “الشيخات”، في مشهدٍ أثار حفيظة فئة واسعة من الرأي العام، واعتُبر خرقًا لأعراف الفضاء الجامعي، وضرباً لرمزيته المعرفية.

عقب انتشار المقاطع المصورة، سارعت الوزارة إلى إرسال لجنة تفتيش، أعدّت تقريراً مفصلاً انتهى بإعفاء رئيس الجامعة، بدعوى التقصير في حفظ “حرمة الجامعة”، وصيانة صورتها العمومية.

لكن المثير في هذه الواقعة ليس الحفل في حد ذاته، بل طبيعة القرار، وتوقيته، وطريقة توجيه المسؤولية.
إذ بدا وكأن المشكلة كانت في “الرقصة”، وأن ما بعدها مجرد ضجيج يجب إخماده.

فالجامعة التي تحوّلت إلى ساحة فرجة، لم تُنظّم الحدث من فراغ.
خلف كل عرض، توجد ميزانية، وخلف كل فنان، يوجد ترتيب، وخلف كل منصة، يوجد مسؤول.
وكل ما جرى، تم في وضح النهار، وسط صمت إداري مطبق، وكأن أحداً لم يكن يرى ولا يسمع… إلى أن بدأت الكاميرات تشتغل.

الأكثر دلالة، أن الوزارة لم توضح من وافق، من موّل، من سمح، ومن غطّى.
الرئيس أُعفي، نعم، لكن السؤال الأخلاقي والمؤسساتي ظل معلقًا:
هل أُعفي لأنه كان المسؤول الفعلي؟ أم فقط لأنه كان الأقرب للمقصلة؟

في المنطق المؤسساتي، تقع المسؤولية وفقاً لتسلسل القرار، لا قرب الكرسي من الجمهور.
وإذا لم يكن الوزير يعلم ما يُنظَّم داخل جامعة تحت وصايته، فتلك مشكلة.
وإذا كان يعلم، ثم صمت، فالمشكلة أعقد.

أما إذا كان يعلم وسكت، ثم تفاجأ حين احترق الهشيم، فهنا، نكون أمام طقس إداري مألوف:
إخماد العاصفة برأس واحد،
وإغلاق الملف كما يُطوى دفتر نهاية السنة.

في جامعة القنيطرة، لم تكن المشكلة في “الشيخات”،
بل في من جعل الجامعة ترقص، ثم اختفى قبل أن تنطفئ الأضواء.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version