لحظة تحملُ أكثر من دلالة، وتُقرأ في أكثر من سياق، شرعت وزارة الداخلية في تنزيل التوجيهات الملكية المتعلقة بالإعداد الجيد للاستحقاقات التشريعية لسنة 2026، وذلك من خلال دعوة رسمية وُجّهت إلى زعماء الأحزاب السياسية لعقد أول لقاء تشاوري حول منظومة الانتخابات، المرتقبة خلال الساعات المقبلة بالعاصمة الرباط.

وكشفت مصادر إعلامية، أن وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت سيترأس، يوم غد السبت، اجتماعين متتاليين بمقر الوزارة، أولهما مخصص للأحزاب الممثلة في البرلمان، يليه لقاء ثانٍ في المساء مع قادة الأحزاب غير الممثلة بالمؤسسة التشريعية، في مشهد يوحي بعودة نبض السياسة إلى مؤسساتها، ولو في ظل غيوم الثقة والانكفاء الشعبي.

كشفت نفس المصادر أن اللقاء المرتقب سيحمل في طيّاته التصور الأولي لمنهجية الإصلاح الانتخابي، من حيث الشكل والمضمون، وسيضع على طاولة النقاش الخطوط العريضة لتعديلات مرتقبة على القوانين التنظيمية المؤطرة للعملية الانتخابية، بما في ذلك القوانين المتعلقة بمجلس النواب.

الاجتماع، بحسب المعطيات المتوفرة، لا يأتي فقط في سياق دورة تشريعية جديدة، بل في لحظة سياسية فارقة، حدّد ملامحها الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، حين شدّد الملك محمد السادس على ضرورة “توفير المنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب، وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية”.

في كلمته من القصر الملكي بتطوان، بدا جلالة الملك حازماً في نبرة التوقيت وواعياً بثقل المرحلة، حين قال: “نحن على بعد سنة تقريباً من إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، في موعدها الدستوري والقانوني العادي”، مضيفاً: “أعطينا توجيهاتنا السامية لوزير الداخلية، من أجل الإعداد الجيد، وفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين”.

وهكذا، يُراد لسنة 2025 أن تكون سنة “التشريع لما بعد الصناديق”، من خلال ضبط الإطار القانوني الذي ستُجرى على أساسه الانتخابات المقبلة، في أفق استعادة الحد الأدنى من الثقة المفقودة، وإعادة الحياة إلى حقل حزبي أصابه الوهن، وأصاب معه الناخب بالعزوف.

خلف الكواليس… أسئلة ثقيلة تتربص بالإصلاح

وإذا كانت دعوة وزارة الداخلية لزعماء الأحزاب تشي بعودة الروح للمسار التشاركي، فإن أسئلة كثيرة تتربص بخلفيات وتفاصيل اللقاء المرتقب:
هل سنشهد مراجعة جذرية لمنظومة القاسم الانتخابي؟
هل سيفتح النقاش حول نمط الاقتراع أو سقف العتبة؟
وهل ستُربط الانتخابات القادمة بميثاق أخلاقي يُعيد ترتيب علاقة الأحزاب بالمواطن، والمنتخب بالمسؤولية؟

هي أسئلة قد لا تجد أجوبتها الكاملة في أول اجتماع، لكنها، بلا شك، ستكون في صلب كل مشاورات 2025… سنة الاختبار الحقيقي لمن يُريد تجديد السياسة، لا فقط تدوير الوجوه.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version