كشفت معطيات حصل عليها موقع “نيشان” عن إلغاء وزارة العدل لنتائج صفقة ضخمة كانت مخصصة لاقتناء أسطول جديد من السيارات، بلغت كلفتها التقديرية حوالي 4 مليارات سنتيم. قرار الإلغاء شمل جميع حصص الصفقة، رغم اختلاف العروض وتعدد المتنافسين.

كشفت مصادر إعلامية أن الحصة الأولى من الصفقة لم تستقطب أي شركة، في وقت تقدمت شركة واحدة فقط للحصة الثانية بمبلغ يزيد عن 36.5 مليون درهم، فيما عرفت الحصة الثالثة تنافس شركتين بمبالغ ناهزت مليون درهم لكل واحدة. ورغم تنوع الأرقام، قررت اللجنة المكلفة إلغاء الصفقة كاملة، في خطوة أثارت أكثر من علامة استفهام حول معايير التقدير، وتوقيت الإلغاء، وأولويات الوزارة.

الخبر لا يتعلق فقط بصفقة لم تُبرم، بل يسلّط الضوء على ملف شائك ومزمن في الإدارة المغربية: أسطول السيارات العمومي، الذي يفوق عدده 100 ألف سيارة موزعة على القطاعات الوزارية والجماعات الترابية، ويُكلّف ميزانية ضخمة تقارب 1.2 مليار درهم سنويًا، تشمل المحروقات، الصيانة، التأمين، وحتى الكراء.

ورغم الحديث المتكرر عن “ترشيد النفقات”، يتزايد توجه عدد من الوزارات نحو خيار كراء السيارات لمدة 36 شهرًا، مع عروض تشمل الصيانة والخدمات. خطوة تبدو عقلانية ظاهريًا، لكنها تُثير تساؤلات حول الكلفة البعيدة، وحول من يربح فعلًا من “راحة البال” الإدارية.

فإذا كانت العدالة تبدأ من حُسن التدبير، فهل يمكن لوزارة العدل أن تُقنعنا اليوم بأنها في موقع السائق، أم أن المقود بيد آخرين؟ وهل باتت العربات الإدارية أداة تنقل أم عنوانًا لصراع هادئ على النفوذ المالي؟

المثير أن صفقة السيارات أُلغيت، لكن النقاش حول التدبير والشفافية لم يُفتح بعد. وربما السؤال الأهم: كم من صفقة أُبرمت دون أن تُلغى، لكنها مرّت بصمت دون مراجعة أو مساءلة؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version