يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، كشف مؤخرًا في جواب كتابي عن تفاصيل ما وصفه بـ”إصلاح شامل” لوكالة أنابيك، مؤكداً أنها تشكّل ركيزة أساسية في سياسات التشغيل، وأنها خضعت لإعادة هيكلة تنظيمية ومؤسساتية واسعة، تشمل التوسعة الإدارية، وتطوير الوساطة، وتوسيع نطاق الرقمنة، وتكثيف التغطية الترابية.

غير أن هذا الجواب، بما يحمله من نوايا حسنة ومضامين تقنية متقدمة، يطرح في خلفيته سؤالًا جوهريًا:
لماذا يتأخر الإصلاح في المؤسسات المفصلية، رغم وضوح أدوارها الاستراتيجية؟
خاصة وأن الوزير ذاته يشرف على القطاع منذ بداية الولاية، وكان بمقدوره – من حيث الموقع – أن يفتح هذا الورش منذ زمن، لا أن ينتظر لحظة معينة ليعلن عن هذا الزخم.

تبدو المقاربة الحالية طموحة في ظاهرها، حيث يتم الحديث عن رفع عدد المديريات المركزية من ثلاث إلى ست، وتوسيع عدد المستشارين إلى 2000، وتخصيص خدمات موجهة للفئات الهشة، وإطلاق فضاءات تشغيل في المناطق القروية، فضلاً عن تعميم أدوات التوجيه الرقمي ومواكبة المقاولة الذاتية.
لكن كل هذا يبقى رهين بزمن التنفيذ لا بزمن التصريحات.

من جهة أخرى، يصعب فصل هذا التحرك المؤسسي عن تغيرات إدارية جرت في الوكالة خلال الفترة الأخيرة، بما فيها إنهاء مهام المديرة السابقة، مما يوحي بأن الإصلاح لا يبدأ أحيانًا إلا حين تنضج الشروط السياسية لذلك. وهنا مكمن الإشكال.

لأن الرهان الحقيقي في أي سياسة عمومية هو الاستمرارية المؤسساتية لا تغيير الأشخاص. والإصلاح ينبغي أن يكون جوهرًا دائمًا، لا لحظة ظرفية.

وإذا كانت الأنابيك بالفعل فاعلًا استراتيجيًا في سوق الشغل، فالسؤال الأعمق هو:
لماذا استُبعدت طيلة سنوات عن النقاش العمومي؟
ولماذا تُستحضر فجأة، وبكل هذا الزخم، بعد مرحلة من الجمود التنظيمي؟

بعيدًا عن النوايا، ما تحتاجه الوكالة اليوم ليس فقط التنظيم الإداري والتوسعة الرقمية، بل وضوح في الأفق السياسي العام للتشغيل، ومقاربة مندمجة تنسق بين الفاعل الحكومي والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بشكل يجعل من الوساطة أداة فاعلة، لا مجرد قناة للتصريف التقني.

ولذلك، فإن جعل الوكالة أداة فعل حقيقي في سوق الشغل، لا يقتضي فقط تحسين شروط اشتغالها، بل يتطلب الاعتراف بأن جزءًا من العطب البنيوي الذي عرفته سابقًا، جاء من صمت الفاعل السياسي نفسه.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version