بيان المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الصادر عقب اجتماعه يوم الإثنين 4 غشت 2025، نبّه إلى انزلاق خطير يتسلل إلى المشهد الانتخابي المغربي: استغلال ما هو عمومي لأغراض حزبية ضيقة، واختلاط المهام الحكومية بالمصالح الانتخابية.

كشفت مصادر اعلامية ان قيادة الوردة، برئاسة إدريس لشكر، نددت بما وصفته بـ”الاستعمال غير المشروع” للإمكانيات العمومية، من سيارات ومقرات وموارد، في لقاءات ميدانية وتجمعات انتخابية، تُشرف عليها أطراف داخل الحكومة، ضاربة بذلك مبدأ الحياد، ومكرسة خللاً يضرب جوهر المنافسة الديمقراطية.

التعيينات العليا… منافسة مغلقة بلون سياسي واحد

الأخطر لا يُعلن في البلاغات، بل يُدار بصمت داخل دوائر القرار: تحوّل التعيينات في المناصب العليا إلى مجال محجوز لمن يملك الانتماء لا الكفاءة. مواقع المسؤولية تُوزّع كما تُوزّع الغنائم، ضمن منطق حزبي لا يمر عبر مباريات حقيقية، ولا يخضع لرقابة الرأي العام، وكأن الأمر يتعلق بسوق مغلق يديره تحالف حكومي بمنطق “شكون معانا؟”.

المناصب تُمنح، لا تُنتزع، والأهلية تُختصر في الانتماء السياسي، لا في التجربة والقدرة على الإنجاز. هكذا، تتآكل الثقة في الإنصاف الإداري، ويُختزل الأفق في معادلة: “اشتغل مع الحزب، واربح موقعاً عمومياً”.

وزير الداخلية، بصفته المسؤول عن الإشراف على الانتخابات المقبلة، مدعو اليوم إلى تحصين الحياد، ووضع حدٍّ لانزلاق بعض الممارسات التي توحي بأن موازين اللعبة تُدار من داخل الجهاز التنفيذي، لا من ساحات التباري الحر.

بيان الحزب طالب بـ”رجة سياسية” تُعيد الاعتبار للعمل الحزبي الجاد، وتُصلح أعطاباً تنظيمية ومؤسساتية لا يمكن القفز عليها. فالإشارة واضحة: الشروط الحالية لا تؤسس لمنافسة نزيهة، بل لإعادة إنتاج مشهد تُهيمن عليه القوة لا المشروعية.

التحذيرات الصادرة عن المعارضة لا تقتصر على ما هو انتخابي، بل تطال جوهر التوازن المؤسساتي. حين تُستعمل الإمكانيات الحكومية لأهداف فئوية، وتتقاسم الأحزاب المهيمنة منافع النفوذ، تصبح المنافسة الانتخابية أقرب إلى مسرحية مكتوبة سلفاً، تُدار فصولها بالمال والامتيازات، لا بالبرامج والمواقف.

رهان الشفافية اليوم أكبر من مجرد قواعد تقنية، بل هو سؤال سياسي بامتياز: هل نملك الشجاعة لإعادة الاعتبار للكفاءة كمقياس للتعيين، والحياد كشرط للنزاهة، والتباري كجوهر للممارسة الديمقراطية؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version