كشفت مصادر إعلامية عن موجة استياء غير مسبوقة تهزّ جهة كلميم واد نون، عقب الإعلان عن نتائج الدعم العمومي للمشاريع الثقافية برسم سنة 2025، في إطار الشراكة المعلنة بين مجلس الجهة ووزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة.
الإعلان، بدل أن يكون مناسبة لتكريس الشفافية وتشجيع الإبداع، تحوّل إلى مرآة تعكس أعطاب التسيير المحلي، وتُعرّي منطق التمييز والولاء الذي بدأ ينخر جسم العمل الجمعوي بالمنطقة.
وبينما تنشر الجهة بلاغات مطمئنة، وتتباهى على منصاتها الرقمية بـ”توزيع منصف وشراكة نموذجية”، يُسجّل في الميدان واقع مغاير تمامًا، تؤكده شهادات فاعلين ثقافيين وجمعويين اعتبروا أن العملية شابتها “خروقات صارخة”، أفرغت فلسفة المشروع من مضمونه الثقافي، وحوّلته إلى واجهة انتخابية مُقنّعة، تُكافئ الموالين وتقصي المستقلين، في مشهد يُعيد طرح سؤال: هل الشراكة الثقافية عندنا مشروع وطني… أم مكافأة جهوية؟
المعطيات المتداولة تشير إلى أن دفتر التحملات فُصّل على مقاس جهات بعينها، بشروط تعجيزية تتنافى وروح القانون 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر، ما أدى فعلياً إلى إقصاء مشاريع جمعوية وازنة.
كما طُرحت تساؤلات حول المنصة الرقمية “غير الرسمية” التي تم عبرها استقبال الملفات، ومعايير التوقيت الإداري المُعتمدة لإغلاق باب الترشح، وهي تفاصيل اعتبرتها الجمعيات ضرباً مباشراً لمبدأ تكافؤ الفرص، وشكلاً من أشكال العبث الإداري الذي لا يجد له مكاناً في مغرب اليوم.
وفي بيان استنكاري مشترك (تتوفر “نيشان” على نسخة منه)، وصفت جمعيات محلية ما حدث بأنه “تمييز مؤسساتي مغلّف بثقافة الدعم”، داعية إلى مراجعة شاملة للآليات التنظيمية، وإعادة صياغة دفتر التحملات ضمن مقاربة تشاركية لا تقصي ولا تُقصي، وتؤسس لعدالة ثقافية تُعيد الثقة إلى الشارع الجمعوي.
لكن ما يُثير الانتباه، هو صمت الجهة إزاء هذه الاتهامات، واعتمادها خطابًا تواصليًا يُعمّم “النجاحات” ويغفل “الأسئلة المحرجة”، ما يجعل من الإشهار الرسمي واجهة ناعمة لحقيقة مشروخة، تفتقد للوضوح في المعايير، والصرامة في التوزيع، والنزاهة في التقييم.
الجمعيات الغاضبة استحضرت خطابي العرش لسنتي 2007 و2017، بما تضمّناه من دعوة ملكية واضحة إلى إشراك فعلي للمجتمع المدني، وتكريس الحكامة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وهي مضامين ترى الجمعيات أنها لا تزال مُعلّقة في جهة وُصفت مرارًا بأنها “منطقة عبور سياسي”، أكثر منها فضاء حقيقي للتنمية الثقافية.
واختُتم البيان بالدعوة إلى فتح تحقيق عاجل، ونشر قائمة المستفيدين وأسباب الانتقاء والإقصاء، مع توجيه نداء مفتوح إلى الفاعلين المدنيين لتشكيل جبهة جهوية موحّدة تضع حدًا لثقافة “الدعم بالمحسوبية”، وتُعيد الاعتبار للفعل الثقافي باعتباره حاجة مجتمعية، لا مكافأة ظرفية.