أعربت الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد عن قلق بالغ إزاء المسار التشريعي لمشروع قانون المسطرة الجنائية، محذّرة من المخاطر الجسيمة التي تنطوي عليها المادتان 3 و7، وما قد تفتحه من أبواب أمام تكريس حصانات غير مبررة لفئات ومؤسسات معينة، في تناقض صارخ مع مبدأ المساواة أمام القانون، وتهديد مباشر لأسس المحاسبة.

وفي بيان رسمي، شددت المنظمة على أن هذا التوجه يمثل انحرافًا تشريعيًا يصطدم بروح الدستور المغربي، خاصة الفصلين 1 و107 اللذين يجعلان من استقلال السلطة القضائية وربط المسؤولية بالمحاسبة دعامة أساسية لدولة الحق والقانون. كما اعتبرت أن المقتضيات المثيرة للجدل تتناقض مع التزامات المغرب الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تفرض على الدول الأعضاء ضمان مساءلة كل المسؤولين دون استثناء.

وكشفت المنظمة أن تمرير هذه المواد دون إخضاع المشروع للمراقبة القبلية من المحكمة الدستورية سيكون بمثابة انتكاسة ديمقراطية، ورسالة سلبية تمسّ صورة المغرب داخليًا وخارجيًا، وتضعف ثقة المواطنين في المؤسسات، فضلًا عن انعكاساته السلبية على مناخ الاستثمار ودور المجتمع المدني.

ودعت الهيئة الحقوقية إلى إحالة مشروع القانون على المحكمة الدستورية قبل المصادقة النهائية، وحثّت الفرق البرلمانية والقوى الحية على رفض أي نص من شأنه المساس باستقلال القضاء أو إضعاف منظومة مكافحة الفساد، مطالبةً المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية بالتعبئة لمواجهة أي تهديد للحريات.

في السياق نفسه، طالب وزير العدل الأسبق مصطفى الرميد بإحالة النص على المحكمة الدستورية، مؤكدًا أن فحص المحكمة للمشروع سيكون ضمانة لترسيخ دولة الحق والقانون. بدوره، دعا محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إلى تدخل ملكي استنادًا إلى الفصل 132 من الدستور، محذرًا مما وصفه بـ”تغوّل الفساد” وتقليص دور النيابة العامة في مواجهة جرائم النخبة.

من جانبه، أوضح مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، أن المشروع لا يزال قيد الدراسة بمجلس النواب، مشيرًا إلى أن إحالة النصوص على المحكمة الدستورية تظل صلاحية حصرية لجهات محددة بموجب الفصل 132، وأن أي تعديل جوهري سيعيد المشروع إلى مجلس المستشارين.

ويأتي هذا الجدل بعد أيام من قرار المحكمة الدستورية رقم 255/25، الصادر في 4 غشت 2025، والذي قضى بعدم مطابقة عدد من مواد القانون رقم 23.02 المتعلق بالمسطرة المدنية للدستور، في سابقة قضائية تؤكد أهمية الرقابة الدستورية كصمام أمان أمام أي انحراف تشريعي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version