كسرت الأحزاب السياسية المغربية تقليدها الصيفي هذا العام، وعادت إلى مقراتها قبل نهاية العطلة، ليس من باب الحركية التنظيمية ولا النقد الذاتي، بل لتستجيب لدعوة وزارة الداخلية قصد إعداد المذكرات الانتخابية الجديدة.
السباق نحو تعديل القوانين فتح شهية الجميع، لكن ليس بالضرورة نحو الإصلاح… بل غالبًا نحو تحصين المواقع، وتكييف التفاصيل التقنية بما يخدم التموقع في المشهد المقبل.
الظاهر يوحي بالحركية: الاجتماعات مستمرة، النقاشات داخلية، الورشات تشتغل، والمصطلحات النبيلة حاضرة: “تحديث اللوائح”، “تعزيز المشاركة”، “تمثيلية النساء والشباب”، “نزاهة الاقتراع”، “محاربة التلاعب”.
لكن في العمق، كل حزب يسعى لصياغة مذكرة تحمي مصالحه أولًا، وتضبط التقطيع أو العتبة أو نمط الاقتراع حسب خرائطه، لا حسب حاجيات الديمقراطية المغربية.
الاستقلال يتحدث عن عدالة جهوية، الاتحاد الاشتراكي يطالب بتوزيع ديمغرافي للمقاعد، العدالة والتنمية يعود للمفردات القديمة عن الحياد وتوسيع اللائحة، بينما التقدم والاشتراكية يدعو لتمثيلية القرب وتعزيز انخراط النخبة المحلية.
لكن اللافت، أن الكل يكتب، ولا أحد يتحدث عن المال الانتخابي، ولا عن سلوك التزكية، ولا عن محاسبة المفسدين الذين عَبَروا الانتخابات السابقة إلى المقاعد بلا رقيب.
الانتخابات المقبلة لا تحتاج إلى “تحيين لغوي” للقوانين، بل إلى فرز أخلاقي حقيقي داخل الأحزاب.
أما أن نعيد طباعة نفس اللوائح بلغة جديدة، فلن يفعل أكثر من إطالة عمر العزوف، وإعادة إنتاج مشهد نعرفه جيدًا… بشخصيات جديدة، ولكن بنفس قواعد اللعبة.