الشوارع المغربية تغلي بالاحتجاجات، الأرواح تُزهق، والبلاد تعيش واحدة من أحلك لحظاتها.
وسط هذا المشهد المأزوم، يطل وزير الشباب والثقافة والتواصل، المهدي بنسعيد، عبر بودكاست سياسي، كأن الأمر يتعلق بحملة انتخابية لا بمحنة وطنية.
المفارقة صارخة: شباب يواجه الرصاص والغضب، ومواطنون يلاحقون مصير أبنائهم في أروقة المحاكم، فيما الوزير يختار تلميع صورته خلف الميكروفون.
هكذا تتحول السياسة إلى تمرين اتصالي بارد، بدل أن تكون جواباً عن صرخة الشارع.
الرسالة أوضح من أن تُخفى: عند بعض المسؤولين، الدم مجرد تفصيل عابر، والتسويق الذاتي أهم من مواجهة الحقيقة.
إنها لحظة تكشف بجلاء كيف تحولت الأزمات إلى مسرح لتجار السياسة، وكيف صار التواصل واجهةً رديئة تخفي عجز الفعل.
المغاربة لا ينتظرون بودكاست جديداً، بل موقفاً في حجم المأساة.
وحين يفضل الوزير الاختباء خلف الميكروفون بدل مواجهة الميدان، يصبح السؤال الذي يفرض نفسه: أي معنى تبقى للسياسة حين يختلط الدم بالعرض الدعائي؟
التاريخ لا يُسجَّل بالخطابات، بل بالدم الذي يصرخ ويسائل الجميع.
