عجّلت موجة الاحتجاجات التي اجتاحت مدنًا عدة، تحت شعار الحق في الصحة والكرامة، باستدعاء وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، إلى البرلمان.
خطوة بدت أقرب إلى استدعاء طبيب طوارئ أمام حالة استعجالية، غير أن الأسئلة المطروحة أكبر من قدرة المسكنات الإدارية على إخفاء الألم.
كشفت مراسلة لجنة القطاعات الاجتماعية عن جلسة مرتقبة، ستخصص لمناقشة الوضعية الراهنة للمنظومة الصحية والإجراءات الحكومية لتسريع إصلاحها.
جلسة تضع الوزير في مواجهة مباشرة مع معطيات لا تقبل المواربة: مستشفيات بلا تجهيزات، موارد بشرية منهكة، ومواطنون يصرخون في الشوارع طلبًا لسرير يليق بكرامة الإنسان.
المشهد الأكثر قتامة يطلّ من أكادير. فالمركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني صار يُوصَف بين السكان بـ”مستشفى الموت”، بعدما عجز عن استيعاب عشرات الحالات المحوّلة من أقاليم سوس.
نقص في المعدات والأطر، وغياب مستلزمات أساسية، جعل المؤسسة الصحية الكبرى في الجهة عنوانًا للفشل بدل أن تكون ملاذًا للنجاة.
ومع تأخر افتتاح المستشفى الجامعي الجديد، ما يزال المرضى يقطعون مئات الكيلومترات نحو مراكش أو الدار البيضاء أو الرباط، بحثًا عن علاج مؤجّل.
في مواجهة هذا الواقع، لم يجد الوزير سوى قرارات الإعفاء وفسخ العقود مع شركات المناولة، متحدثًا عن لجان ميدانية انطلقت شتنبر الماضي لتواكب المراكز الاستشفائية. غير أن ما يبدو إصلاحًا على الورق، يظل في نظر المواطنين مجرّد “باراسيتامول سياسي” لا يعالج أصل الداء.
فالمعضلة ليست في غياب لجان التفتيش، بل في غياب سياسة صحية متماسكة تُعيد الاعتبار للمستشفى العمومي كحق دستوري لا كخدمة مشروطة.
السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل تكفي لغة البلاغات واللجان لتبديد الغضب المتنامي في الشارع؟ أم أن ساعة الحقيقة دقّت لتضع الحكومة أمام مسؤوليتها الكاملة: إما أن تبني ثقة جديدة عبر مستشفيات حقيقية وأطباء متوفرين، أو أن تواصل وصف الألم بلغة الأرقام حتى يصبح الصداع المزمن وجعًا وطنيا لا دواء له؟
