الندوة التي نظمها عبد الإله ابن كيران لمراجعة القوانين الانتخابية تحولت إلى مواجهة سياسية مباشرة مع وزارة الداخلية.
الرجل لم يتحدث عن تفاصيل تقنية ولا عن نصوص قانونية باردة، بل عن مصير العملية الانتخابية برمتها، واضعاً “أم الوزارات” في قلب المعادلة. هل نملك انتخابات تعيد الثقة أم مجرد تمرين شكلي يزيد العزوف ويقود البلاد إلى الخراب؟
ابن كيران خاطب الداخلية بعبارة تحمل كل أبعاد التحدي: “انتصرتِ على الأحزاب السياسية، لكن اتقوا الله فينا وطلقوا اللعب”. استعارة مشحونة بالدلالة؛
فوزارة الداخلية في تصوره لم تعد مجرد مُنظم، بل لاعب وحكم وملعب في نفس اللحظة، وما لم تتحول من خصمٍ إلى ضامن، ستظل العملية الانتخابية مهددة بفقدان المصداقية.
كشفت مصادر إعلامية أن زعيم “المصباح” شدد على أن الإشكال سياسي قبل أن يكون قانونياً، لأن الخطر الأكبر يتجسد في العزوف الشعبي الذي يفرغ المؤسسات من شرعيتها. انتخابات بلا ثقة تعني برلماناً بلا وزن، وحكومة بلا سلطة، ونظاماً سياسياً يغامر باستقراره.
ولم يفته أن يذكّر بأن الاستحقاقات الديمقراطية أخطر من المواعيد الرياضية، قائلاً إن الانتخابات التشريعية أهم من كأس العالم 2030 وكأس إفريقيا 2025. مقارنة لم تأتِ اعتباطاً، بل رسالة واضحة مفادها أن صورة المغرب في السياسة هي الأهم من صورته في الملاعب، وأن التنمية لا تُبنى بالمدرجات بل بالثقة في المؤسسات.
ابن كيران أعاد رسم الخريطة: أعيان يركبون الأحزاب لخدمة مصالحهم، أحزاب فقدت جاذبيتها، ووزارة داخلية متهمة بالهيمنة.
وبين هذه العناصر الثلاثة يضع سؤالاً معلّقاً: هل ما زال المغرب قادراً على إنتاج انتخابات حقيقية تفتح أفقاً جديداً، أم أننا نسير نحو ديمقراطية معلّبة بلا روح؟