Stability in an Age of Uncertainty… or Stagnation Disguised as Progress?
يدخل المغرب سنة 2026 بخريطة مالية طموحة وتعييناتٍ إدارية واسعة، في مشهدٍ يوحي بأن الدولة تسعى إلى الحفاظ على توازنٍ دقيق بين الاستثمار الاجتماعي والصرامة المالية.
لكنّ المتتبّع الحصيف يدرك أن وراء لغة الاستقرار الاقتصادي تختبئ مفارقةٌ خفيّة بين الأرقام المطمئنة والواقع المتحوّل، وبين الحديث عن الدماء الجديدة واستمرار المنطق القديم.
مشروع قانون المالية الجديد يُحدّد معالم “المغرب الصاعد” عبر أربع أولويات كبرى: الاستثمار، التنمية المجالية، الدولة الاجتماعية، والإصلاح الهيكلي، وذلك في سياقٍ دوليٍّ يطغى عليه التقلّب واللايقين.
تُقدّر الحكومة معدل النمو في حدود 4.8%، وتتحكم في التضخم عند 1.1%، وتُبقي العجز في حدود 3.5% من الناتج الداخلي الخام أرقامٌ تحافظ على صلابة الصورة الماكرو-اقتصادية، لكنها تترك الأسئلة الاجتماعية معلّقة: هل توازن الحسابات كافٍ لتصحيح اختلال الإحساس؟
تخصّص الدولة 140 مليار درهم لقطاعي التعليم والصحة، وتُحدث 27 ألف منصب مالي جديد، وتعد بالرفع من فعالية الخدمات العمومية.
غير أن هذه الوعود، رغم وجاهتها، تصطدم بواقعٍ إداريٍ بطيءٍ وثقيلٍ، يجعل الإصلاح المالي أسرع من الإصلاح الاجتماعي.
فالمغرب يُتقن هندسة الأرقام، لكنه ما زال يبحث عن هندسة الثقة.
تقدّم الوثيقة المالية الاستثمار كقاطرةٍ للنمو، من خلال الإسراع بتنزيل ميثاق الاستثمار، وتفعيل عرض المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر، وتحفيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتقوية دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها النسيج الحي للاقتصاد الوطني.
لكن رغم الوعود، تبقى هذه الأوراش رهينة البنية الإدارية نفسها، حيث تُدار القرارات من الأعلى بينما تتحرك الأسواق من الأسفل.
في لغة التقارير يُسمّى ذلك “إصلاحًا هيكليًا”، أما في لغة الواقع فهو مجرّد توازنٍ محسوب بين الطموح والبيروقراطية.
تتحدث الحكومة عن “جيلٍ جديد من البرامج المندمجة” يمنح الأولوية للمناطق الجبلية والواحات، ويوسّع نطاق “المراكز القروية الصاعدة”.
غير أن هذه الجهوية ما زالت، في جوهرها، جهوية في النص أكثر منها في الممارسة.
فحين تبقى الموارد والتوقيعات مركّزة في العاصمة، تتحول التنمية الترابية إلى مجرّد رسمٍ جغرافيٍّ جميلٍ على الورق.
تطمح الميزانية إلى ترسيخ “الدولة الاجتماعية” عبر تعميم الحماية الاجتماعية ودعم أربعة ملايين أسرة بالرفع من إعانات الأطفال بين 50 و100 درهم شهريًا، وتوسيع التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل، واستمرار برنامج الدعم المباشر للسكن.
لكنّ السؤال يبقى معلّقًا: هل التعميم كافٍ من دون عدالةٍ في الاستهداف؟ أم أن السياسة الاجتماعية ستظلّ تُدار بمنطق الإحصاء لا بمنطق العدالة؟
في موازاة الإصلاح المالي، صادق المجلس الوزاري على تعيين خمسة عشر واليًا وعاملاً في مختلف جهات المملكة، في ما وُصف رسميًا بأنه “ضخٌّ لدماء جديدة في الإدارة الترابية”.
غير أن الخريطة الإدارية الجديدة تكشف أكثر مما تُخفي: إعادة تدوير محسوبة داخل الدائرة نفسها.
وجوهٌ تعود من مواقع سابقة من وزراء وعمّال ومسؤولين مركزيين في حركةٍ أفقية أكثر منها تصاعدية.
الاستمرارية تُدار بلغة التغيير، والتوازن بين الولاءات والكفاءات يُقدَّم كدليلٍ على الانسجام الإداري، بينما الحقيقة الأعمق هي أن المناصب تتبدّل أكثر مما تتبدّل الأفكار.
وطبقًا للفصل 49 من الدستور، تتم هذه التعيينات باقتراحٍ من رئيس الحكومة ومبادرةٍ من وزير الداخلية، لكنّ تقاطع الصلاحيات بين المؤسستين يجعل السؤال مشروعًا: من يقترح فعلاً؟ ومن يختار حقًا؟
ففي صمتٍ إداريٍّ أنيق، تُعاد صياغة التوازنات دون أن يتغيّر جوهرها.
في نهاية المطاف، تتقاطع الميزانية والتعيينات عند نقطةٍ واحدة: الاستقرار كخيارٍ للدولة.
تستقر الأرقام وتستمر الوجوه، في نظامٍ يُعيد إنتاج نفسه بوتيرةٍ محسوبةٍ تضمن الهدوء أكثر مما تَعِد بالتحوّل.
في المغرب 2026، تتقدّم الأرقام بسرعة الحساب، لكن الإصلاح الحقيقي لا يزال يمشي بخطى الإدارة.
In essence, Morocco’s 2026 roadmap projects confidence and control — yet beneath the harmony of numbers and appointments lies a system that perfects continuity more than it embraces change. A nation fluent in the language of stability, still learning the art of renewal.
