When Mansouri Engineers Failure… Design Becomes a Political Strategy
الفشل في المغرب لم يعد يُخفى، بل يُصمَّم بعناية.
وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، اعترفت بوضوحٍ نادر أمام البرلمان يوم الأربعاء 5 نوفمبر 2025، خلال اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة والشؤون الإدارية، قائلة:
“هناك حقيقة لا بد أن أقولها لكم: هذا البرنامج فاشل.”
كانت تتحدث عن برنامج المساعدة المعمارية والتقنية المجانية بالعالم القروي، الذي وُعد بأنه سيقرب الهندسة من المواطن القروي، لكنه انتهى بتقريب الوعود من الفشل.
البرنامج منح المهندسين المعماريين 3 000 درهم فقط مقابل مواكبة مشاريع بناء في القرى النائية، فرفضوا الانخراط لأن المبلغ لا يكفي حتى لمصاريف التنقل.
النتيجة: لا مهندس حضر، ولا بيت بُني، ولا مواطن استفاد.
رغم هذا الاعتراف الصريح، لم تقدّم المنصوري استقالتها، بل أعلنت عن ورشة جديدة لإعادة النظر في الفشل ذاته.
وهكذا أبدعت الوزارة مفهومًا مغربيًا فريدًا: إعادة تدوير الإخفاق.
كل سقوطٍ يتحول إلى مشروعٍ جديد، وكل زلةٍ إلى خطةٍ بديلة، وكل أزمةٍ إلى “ورشة إصلاح”.
الأرقام التي قدمتها الوزيرة تحكي القصة بوضوحٍ هندسيٍّ دقيق:
155 جماعة فقط من أصل أكثر من ألف شملها البرنامج، أي 12% من التراب القروي.
بينها 68 جماعة في إقليم الحوز، و34 بأكادير وإنزكان، و23 بتارودانت، و11 ببني ملال، و19 موزعة بين تازة، مكناس، الحسيمة، والخميسات.
مجموع الاتفاقيات الموقعة: 11 فقط مع 11 جهة من أصل 12.
أما ارتفاع الأرقام هذه السنة، ففسرته المنصوري بكون البرنامج شمل مناطق الحوز المتضرّرة من الزلزال أي أن الكارثة أنقذت الإحصاءات.
في المقابل، عرضت الوزيرة أرقامًا “منجزة” في المجال الحضري:
المصادقة على 49 تصميم تهيئة بين أكتوبر 2021 وشتنبر 2025 مقابل خمسة فقط في الولاية السابقة، ودراسة 450 ألف طلب رخصة، تمت الموافقة على 259 ألفًا منها (أي 58 %) باستثماراتٍ تناهز 250 مليار درهم، منها 45% سكنية و33% تجارية و10% صناعية.
لكن وراء كل هذه الأرقام اللامعة سؤال واحد بسيط:
كم قرية تغيّر وجهها فعلًا؟ وكم مواطن وجد سقفًا بدل البلاغ؟
الحكومة تُتقن لغة البناء أكثر من فعل البناء نفسه.
تشيّد الجمل بصلابة، وتُرمّم صورتها بالتصريحات، وتعتبر الصراحة إنجازًا بحد ذاتها.
المنصوري لم تفشل وحدها، بل عبّرت عن فشلٍ هيكليٍّ بلغةٍ هندسية أنيقة.
فشلٌ مؤسساتيٌ يُحسَب في الميزانية، ويُعاد تدويره كل سنة بمصطلحاتٍ أكثر عذوبة.
في المغرب، يبدو أن الهندسة صارت فرعًا من السياسة.
التصميم لا يُرسم على الورق فقط، بل في الخطاب.
وعندما تسقط الجدران، لا أحد يسأل عن المهندس… بل يُعلن عن ورشة جديدة.
وفي النهاية، يبقى العالم القروي بلا سقف،
وتبقى المنصوري المهندسة الوحيدة التي أتقنت فنّ بناء الفشل… بأجمل التصاميم.
