أصدر وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميراوي، قرارًا جديدًا يقضي باعتماد دراسة الملفات بدل المباريات الكتابية والشفوية كآلية لولوج سلك الماستر.
القرار، المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 14 غشت 2025، ألغى الامتحانات التي كانت شرطًا أساسيًا في السابق، وأسند مهمة الانتقاء إلى لجان داخلية يرأسها مسؤولو المؤسسات الجامعية، مع إعداد محاضر رسمية تُرفع إلى رئاسة الجامعة.
على الورق، يُقدَّم هذا التغيير كخطوة لتبسيط المساطر وتخفيف الضغط عن الطلبة.
لكن السؤال الحقيقي: هل المشكل كان في الاختبار أم في النزاهة البشرية التي تُدبّر هذه العمليات؟
فالامتحانات في صيغتها القديمة لم تمنع الجدل، ولم تُبعد الشبهات.
فهل سيضمن اعتماد الملفات وحده تكافؤ الفرص إذا بقيت نفس العقليات ونفس الآليات؟
الإصلاح ليس في تغيير الأداة، بل في النزاهة التي تُشغّلها.
وفي تدوينة نشرها على حسابه بفيسبوك، اعتبر أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، رضوان اعميمي، أن أي رؤية إصلاحية لا تكتمل إلا بوجود انسجام مع باقي الفاعلين والسياسات العمومية ذات الصلة، محذرًا من أن غياب هذا التكامل قد يُفرز أعطابًا جديدة.
وأوضح أن مؤسسات الاستقطاب المفتوح تعاني أصلًا من مشاكل القدرة الاستيعابية، وضعف البنيات التحتية والرقمنة والزمن البيداغوجي، مشددًا على أن الجامعة لا تحتاج فقط إلى توسيع أبواب الماستر، بل إلى توفير تكوين عصري وجاد يضمن الجودة.
إلغاء الامتحانات قد يبدو منطقيا لتقليص الإجراءات البيروقراطية، لكنه يطرح سؤال الثقة: هل اللجان ستشتغل بمعايير شفافة وموضوعية، أم ستُفتح أبواب أخرى للشبهات والمحسوبية؟
الأجمل أن يسعى الإصلاح إلى توفير عرض تكويني يليق بانتظارات الطلبة وحاجيات سوق الشغل، لا أن يكتفي بإبدال قانون بآخر مع كل وزير جديد.
الجامعة المغربية تحتاج إلى إصلاح مستقر لا يتغيّر بتغيّر الأشخاص.
فالنصوص مهما بدت متطورة، ستظل محدودة الأثر إذا لم يواكبها التزام أخلاقي يضع الإنصاف قبل كل شيء.
والرهان الأكبر اليوم ليس فقط على فتح الماستر، بل على القدرة على تحصينه من أعطاب النزاهة البشرية، لأنها أصل الداء، وما دونها تفاصيل.