كشفت مصادر إعلامية أن حكومة عزيز أخنوش ومعها أغلبيتها البرلمانية، ماضية في نهج يضع المعارضة في موقع هشّ، عبر الالتفاف على مبادراتها وإفراغها من مضمونها، في تناقض صارخ مع روح دستور 2011 الذي كرس لأول مرة مكانة مؤسساتية واضحة للمعارضة البرلمانية.
عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، شدد في خروجه الإعلامي على أن النصوص الدستورية التي منحت المعارضة صلاحيات التشريع والمراقبة وتقييم السياسات العمومية، لم تُترجم على أرض الواقع، بل أُفرغت من مضمونها بفعل ممارسات الأغلبية.
فمقترحات القوانين التي تتقدم بها المعارضة تُواجه بالرفض التلقائي، والمبادرات الرقابية المنصوص عليها في النظام الداخلي تُعطَّل أو تُهمَّش دون مبررات مقنعة.
وبحسب نفس المصادر، فإن رئيس الحكومة يرفض المثول شهرياً أمام مجلس النواب كما ينص النظام الداخلي، فيما يتكرر غياب عدد من الوزراء عن جلسات الأسئلة الشفهية، ما يُفرغ الرقابة البرلمانية من قيمتها ويحوّلها إلى مجرد إجراء شكلي. وهي سلوكات يرى فيها بوانو تعبيراً عن عقلية فوقية لا تستوعب أن الرقابة والنقد أدوات لتصحيح الاختلالات لا لتصفية الحسابات.
الفصل العاشر من الدستور، الذي أعطى المعارضة موقعاً معادلاً للقوانين التنظيمية وخضع لرقابة المحكمة الدستورية، لم يكن مجرد حبر على ورق، بل جاء ليؤسس لتوازن سياسي يضمن جدية الممارسة البرلمانية.
غير أن التجربة الحالية، تضيف المصادر ذاتها، تكشف عن ميل خطير نحو إعادة إنتاج منطق الأغلبية المهيمنة التي ترى في المعارضة خصماً يجب تحجيمه لا شريكاً في بناء النقاش العمومي.
إن حكومة أخنوش، وهي التي تقدّم نفسها كحكومة مشاريع كبرى، مطالَبة اليوم بالإنصات لصوت المعارضة باعتباره جزءاً من البناء الديمقراطي، لا إقصاءً لها باعتبارها عبئاً.
فالمواطن، الذي يعيش يومياً ثقل الغلاء والجفاف وأزمات المعيشة، لا تعنيه لعبة الحسابات داخل البرلمان بقدر ما يهمه أن يرى حكومة تُحاسَب، وأغلبية تُراقَب، ومعارضة قادرة على تقديم بدائل حقيقية.
الحياة السياسية في المغرب لا يمكن أن تتوازن بنصوص دستورية تُعلَّق في الرفوف، بل بممارسات تُحترم فيها قواعد الإنصات وتبادل الأدوار.
وأي استمرار في تهميش المعارضة هو مسار محفوف بالمخاطر، ليس فقط على صورة البرلمان، بل على ثقة المواطن في جدوى المؤسسات برمتها.