كادت جماعة إفلا إغير بإقليم تيزنيت أن تدشن موسمها الدراسي الجديد على وقع فاجعة حقيقية، بعدما حوصر تلاميذ داخل حافلة للنقل المدرسي وسط سيول جارفة، في تجاهل صادم للتحذيرات الجوية التي نبهت إلى عواصف رعدية وأمطار غزيرة بالمنطقة.
كشفت مصادر محلية أن الرحلة التي انطلقت لجمع التلاميذ من دواوير متفرقة في اتجاه المدرسة الداخلية تحولت إلى كابوس، بعدما فوجئ السائق والأطفال بارتفاع منسوب المياه عند دوار تيزركين، ليجدوا أنفسهم عالقين فوق قنطرة مهددة بالانهيار، فيما كانت السيول تحاصرهم من كل جانب.
ومع غياب أي تدخل رسمي في لحظات الخطر، لم يكن أمام الأهالي سوى الهرولة بأنفسهم لإنقاذ أبنائهم، حيث تمكنوا بمعية السائق وبعد محاولات شاقة من إخراج الأطفال إلى منطقة آمنة محاذية للأشجار، قبل إعادتهم إلى أسرهم بسلام.
الواقعة أثارت موجة غضب واسعة في صفوف الساكنة، التي تساءلت عن خلفيات برمجة نقل التلاميذ في ظروف مناخية استثنائية، وعن إصرار المسؤولين على المغامرة بحياة الأطفال رغم النشرات الإنذارية.
لكن الحادث يكشف أعمق من مجرد سوء تقدير محلي: هو صورة مصغّرة لفشل السياسات العمومية في التعامل مع الهشاشة القروية. فالسلطات تتباهى ببرامج كبرى ومخططات “خضراء” و”جيل أخضر”، لكنها تعجز عن وضع خطة طوارئ بسيطة لحماية تلاميذ من وادٍ غاضب.
أي معنى للتنمية إذا كانت المدرسة التي تُرفع كشعار رسمي، تتحول في الواقع إلى خطر يومي على حياة أبنائنا؟ وأي قيمة للنشرات الإنذارية إذا كانت تُرمى في الأدراج بلا متابعة أو مراقبة؟
إن ما وقع بتيزنيت يفضح غياب ثقافة المحاسبة. فلو انهارت القنطرة وغرق التلاميذ، كنا سنسمع نفس الأسطوانة المعتادة: “فتح تحقيق” و”تحديد المسؤوليات”… ثم طي الملف كما طُويت عشرات الملفات من قبل.
اليوم السؤال الذي لا مهرب منه: متى نفهم أن وقاية الأرواح أولى من التباهي بالأرقام والمؤشرات؟ ومتى يخرج أطفال القرى من خانة “المخاطر الهامشية” إلى خانة الأولويات الوطنية؟