أعلن نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، عن ترحيبه برغبة مايسة سلامة الناجي في خوض الانتخابات التشريعية المقبلة باسم الحزب.
خبرٌ قد يبدو عادياً، لكنه في العمق يعكس تحوّلاً خطيراً: الانتقال من عالم المؤثرين و”لايفات الفيسبوك” إلى قبة البرلمان، حيث تُختزل السياسة في أرقام المشاهدات والمتابعات.
هذا ليس استثناءً، بل أصبح توجهاً عاماً. أحزاب فقدت القدرة على صناعة نخبها الداخلية، باتت تلجأ إلى “استيراد” مؤثرين جاهزين عندهم جمهور، على أمل تحويل الشعبية الرقمية إلى أصوات انتخابية.
هكذا يتحول الحزب من مؤسسة سياسية إلى منصة تسويق، غايتها إنقاذ الصورة الانتخابية بأي ثمن.
المفارقة أن العديد من هؤلاء المؤثرين بنوا شهرتهم على مهاجمة السياسة والأحزاب، لكنهم سرعان ما غيّروا خطابهم ليصبحوا مرشحين حزبيين يدافعون عن “البديل الديمقراطي”.
إنه انقلاب هادئ، لكنه مكشوف، يفضح كيف يتحول الغضب الشعبي إلى عملة قابلة للتداول داخل السوق الانتخابي.
وحين تتحول الانتخابات إلى مسرحية تسويقية، وتتحول قبة البرلمان إلى امتداد طبيعي لـ”الفيسبوك لايف”، نكون أمام سياسة هجينة: لا فكر حزبي ولا مشروع مجتمعي، فقط أرقام متابعين تُشترى وتُستثمر مثل أي سلعة أخرى.
النتيجة: مؤسسات تمثيلية تُختزل في لعبة “البوز”، حيث الصوت العالي يغلب على الرؤية العميقة.
في النهاية يظل السؤال قائماً: هل نحن أمام تجديدٍ فعلي للنخب السياسية، أم أمام عجزٍ حزبي مقنّع باستعارة الوجوه الرقمية؟
وإذا استمرت السياسة في المغرب تُدار بمنطق المزاد، فمن سيصنع المستقبل؟ الأحزاب التاريخية أم المؤثرون الذين أتقنوا فن العبور من اللايف إلى البرلمان؟