لم يكن تصريح مصطفى بايتاس، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، بأن حزبه “لا يعلّق إخفاقاته على التماسيح والعفاريت”، مجرّد جملة عابرة في لقاء حزبي بمراكش.
في العمق، كان الرجل يوجّه رسائل سياسية مزدوجة: أولها التنصل من خطاب استُهلك في العقد الماضي، وثانيها تقديم الأحرار كـ”حزب العمل الجاد” في مواجهة معارضة يراها بلا بدائل.
كشفت مصادر إعلامية أن محطة “مسار الإنجازات” بجهة مراكش آسفي جاءت لتسويق الحصيلة الحكومية أكثر مما هي لحظة للنقاش السياسي الحقيقي.
خطاب بايتاس بدا حاداً حين تساءل: “أين هو البديل؟”، في إشارة إلى ضعف المعارضة التي تنشغل ـ على حد وصفه ـ بـ”اللايفات وردود الأفعال”.
لكن السؤال الذي لم يُطرح داخل القاعة هو: هل البديل مفقود فقط في المعارضة، أم حتى في خطاب الحزب الذي يقود الحكومة؟
التنمية التي يتحدث عنها التجمع الوطني للأحرار لا يمكن فصلها عن أرقام العجز التي كشفتها وزارة المالية مؤخراً، ولا عن الغلاء الذي ينهش القدرة الشرائية، ولا عن اختناق الخدمات العمومية في الصحة والتعليم.
فهل تكفي لغة “الجدية والقرب” لطمس حقيقة التفاوتات المجالية التي تزداد اتساعاً بين المركز والهوامش؟
إن التبرؤ من “التماسيح والعفاريت” قد يُسجّل في خانة المكاسب الخطابية، لكنه لا يعفي من مواجهة أسئلة أكثر إلحاحاً: تضارب المصالح الذي يلاحق التحالف الحكومي، تضخم الثروات في محيطه، والدين العمومي الذي يثقل كاهل الأجيال المقبلة.
وبينما يطالب بايتاس المعارضة بالبدائل، تبدو الحكومة نفسها مطالَبة ببدائل حقيقية تتجاوز لغة الإنجازات نحو سياسات ملموسة تنعكس على حياة الناس.