لم يعد صمت ساكنة تاونات ممكنًا مساء السبت، خرجت حشود غفيرة إلى ساحة البلدية في وقفة احتجاجية تحولت إلى مسيرة غاضبة صوب مندوبية الصحة، حيث ارتفعت شعارات تفضح تردي أوضاع الإقليم، وتندد بالتهميش المستمر الذي يطال قطاعي الصحة والتعليم.
المستشفى الإقليمي في تاونات لم يعد أكثر من بناية مهجورة، بلا أطباء ولا تجهيزات، يدفع المرضى إلى التنقل يوميًا نحو فاس بحثًا عن علاج يُفترض أن يكون متاحًا في مدينتهم.
رحلة طويلة ومكلفة تُنهك الساكنة وتُعمّق معاناتها. وفي المدارس، الأقسام مكتظة كعلب السردين، والبنيات التحتية متآكلة، مما يضرب الحق الدستوري في تعليم عمومي منصف.
وردّد المحتجون شعارات صادمة، منها عبارة: “الصحة أولا… ما بغيناش كأس العالم… أش خاصك العريان؟ المهرجان أمولاي!”، في إشارة إلى المفارقة بين غياب أبسط التجهيزات الطبية بتاونات وبين الملايير التي تُصرف على الملاعب والمهرجانات، لتلميع صورة بلد يعيش جزءًا كبيرًا من مواطنيه بلا حد أدنى من الخدمات الأساسية.
المفارقة التي فجرت الغضب الشعبي أن الحكومة تعلن عجزها عن توفير طبيب أو جهاز سكانير، بينما لا تتردد في إنفاق أموال طائلة على حفلات وصور استعراضية.
أي منطق سياسي هذا الذي يجعل الترفيه أولوية، والحق في الحياة مجرد تفصيل؟
وقفة تاونات لم تكن حدثًا عابرًا، بل صرخة كرامة في وجه حكومة فقدت بوصلتها، رسالة واضحة تقول: الصحة والتعليم أولًا، والمهرجانات آخرًا.
وإذا استمر التجاهل، فإن الغضب المحلي قد يتحول إلى غضب وطني، لأن الكرامة لا تُشترى بالأغاني ولا بالملاعب، بل بالحقوق الملموسة.