في الدار البيضاء، جلس وفد صندوق النقد الدولي بكل وقار، وأمامه الاتحاد المغربي للشغل بكل صرامة.
على الطاولة: نفس السيناريو المتكرر منذ عقود.
النقابة تحتج على “الإملاءات الفوقية”، والصندوق يوزع ابتسامات ويعد بأن “يسجل الملاحظات” ويرفعها إلى واشنطن.
الميلودي المخارق لم يتردد في وصف وصفات الصندوق بأنها بعيدة عن واقع البلاد: تجميد الأجور، تقليص النفقات في الصحة والتعليم، وتفكيك التشريعات الاجتماعية.
كلام واضح يليق بممثل طبقة عاملة أنهكها الغلاء والتقشف. لكن الحقيقة أن صندوق النقد نادراً ما يغيّر قواعد لعبته، فهو يبيع “الإصلاح” بنفس العلبة، مهما تغيّر البلد.
كشفت مصادر إعلامية أن النقابة شددت على ضرورة سن مقاربة اجتماعية جديدة: تعليم في مستوى، صحة تليق بالمغاربة، وحقوق شغل تحترم الكرامة.
بينما بدا وفد الصندوق أكثر اهتماماً بإكمال الجولة، وتدوين الملاحظات بأناقة بيروقراطية: سمعناكم… فهمناكم… لكن القرار في مكان آخر.
هكذا ينتهي اللقاء: النقابة تقول إنها دافعت عن العمال، والصندوق يقول إنه استمع بإيجابية.
أما المغرب، فيظل عالقاً بين خطابين: خطاب اجتماعي يطالب بالكرامة، وخطاب دولي يطالب بالحسابات.
والسؤال الجوهري يظل قائماً: من يكتب فعلاً وصفة الاقتصاد المغربي… ممثلو الشغيلة أم خبراء واشنطن؟