The Finance Minister and the Pension Reform Predicament… When Admission Turns Elegant and Reform Remains Postponed
بين خطابٍ يترف بالأرقام وواقعٍ يئنّ تحت ثقل الانتظار، تقف نادية فتاح العلوي في قلب مشهدٍ مالي واجتماعي متشابك، تُوازن فيه بين شجاعة الاعتراف وتأجيل التنفيذ.
فأن تقول وزيرة الاقتصاد والمالية إنها تتحمّل شخصيًا مسؤولية تأخّر إطلاق ورش إصلاح أنظمة التقاعد، فذلك يشي بنضجٍ سياسيٍّ نادر، لكنه في الآن ذاته يفضح بطء دولةٍ تُتقن إدارة الزمن أكثر مما تُتقن صناعة القرار.
إنه الاعتراف كفضيلةٍ مؤجَّلة… حين يتحوّل الإصلاح إلى وعدٍ جميلٍ لا يجد طريقه إلى الفعل.
في كلمتها أمام البرلمان اليوم الاثنين 20 أكتوبر 2025، بدت الوزيرة أكثر صدقًا من المعتاد وهي تؤكد أن الحكومة “ترفض الحلول الترقيعية” وتتمسك بإصلاحٍ شاملٍ يضمن العدالة والاستدامة.
لكنّ لغة التريّث، مهما كانت منطقيةً في ظاهرها، تُخفي واقعًا لا ينتظر:
آلاف المتقاعدين يعيشون اليوم بأقل من الحد الأدنى للأجر، فيما شيخوخة الصناديق تمضي أسرع من شيخوخة المواطنين.
أعلنت فتاح عن سلسلةٍ من الإجراءات التمهيدية، وُصفت بأنها “خطواتٌ للتهدئة” أكثر من كونها إصلاحًا حقيقيًا:
رفع معاشات متقاعدي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بنسبة 5 % بأثرٍ رجعي، وتعديل الظهير المنظِّم للصندوق بخفض عتبة 3200 نقطة، ما سيسمح لأكثر من 35 ألف شخص بالاستفادة من التقاعد خلال السنة الجارية.
لكنّ هذه الأرقام، مهما بدت مطمئنة، لا تُخفي جوهر الأزمة: نظامٌ فقد توازنه بين من يدفعون الثمن ومن ينتظرون المقابل.
تُراهن الحكومة اليوم على اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد لاستعادة ثقةٍ غابت، بعد استئناف العمل مع الفرقاء الاجتماعيين عقب اتفاق أبريل 2025.
الهدف المعلن طموح: تعميم التغطية بالتقاعد بحلول سنة 2025، انسجامًا مع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية.
غير أنّ الطريق إلى هذا الهدف لا يُقاس بالتواريخ، بل بالقرارات التي تُتخذ… أو تُؤجَّل.
فالمعضلة في عمقها ليست ماليةً فقط، بل أخلاقية وسياسية:
هل يمكن أن تتحقق العدالة الاجتماعية في نظامٍ يشيخ أسرع من وعوده؟
وهل يكفي الاعتراف بالبطء لتبرير غيابه الطويل عن الفعل؟
إنّ إصلاح التقاعد في المغرب لم يعد مجرد ملفٍ تقني أو هيكلي،
بل اختبارٌ لمفهوم الدولة في علاقتها بمواطنيها، بين منطق الحسابات ومطلب الكرامة.
لقد آن الأوان أن تنتقل الحكومة من بلاغات النية الحسنة إلى قرارات الشجاعة الضرورية.
فالمواطن الذي ينتظر معاشه لا ينتظر بيانًا جديدًا،
بل زمنًا سياسيًا جديدًا يُقاس لا بالأرقام… بل بما يبقى حين تنطفئ أضواء البرلمان وتبدأ حسابات التاريخ.
