Nadia Fettah Alaoui: When Numbers Become an Umbrella in the Storm of Prices
قالت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، بثقةٍ تحسبها الأسواق نوعًا من الطمأنينة، إنّ الحكومة رصدت 110 مليارات درهم لحماية القدرة الشرائية للمغاربة، وإنّ معدل التضخم انخفض إلى 1.1 في المئة بعدما بلغ ذروته عند 13 في المئة.
لكنّ الأسواق المغربية لا تقرأ نشرات بنك المغرب، ولا تصدّق خطابات البرلمان؛ فهي تعرف متى يكون الدعم دعمًا، ومتى يكون مجرّد مسكّنٍ بلغةٍ تقنية في زمن اللايقين.
كشفت مصادر إعلامية أن الوزيرة دافعت، خلال جلسةٍ برلمانية، عن حصيلة الحكومة في مواجهة الغلاء، معتبرةً أن “ارتفاع الأسعار ناتج عن أزماتٍ متتالية لا تخصّ المغرب وحده”، ومؤكّدةً استمرار المراقبة بالتنسيق مع وزارة الداخلية، ودعم الماء والكهرباء والمواد الأساسية، مع إبقاء الأسعار دون تغيير رغم اضطراب الأسواق العالمية.
غير أنّ ما بدا في خطابها لوحةً رقمية منسجمة، يُخفي وراءه تصدّعًا في المشهد المعيشي.
فبين “انخفاض التضخم الإحصائي” و“غلاء الخضر والفواكه في الأسواق”، يعيش المواطن تناقضًا صارخًا بين لغة المؤشرات ولغة المعيش.
فالسياسات الاقتصادية، مهما بلغت دقّتها المحاسبية، لا تُقاس بما تُنفقه الدولة، بل بما يُحسّه الناس في حياتهم اليومية.
الوزيرة نفت أن تكون الحكومة تختبئ وراء الأزمات العالمية لتبرير واقع الأسعار، لكنها لم تُجب عن السؤال الأعمق: من يتوارى خلف من؟
هل تتوارى الأزمات خلف ضعف البنية الإنتاجية؟ أم تتوارى السياسات خلف خطابٍ جاهزٍ يُعيد تدوير الأعذار؟
ففي الاقتصاد كما في السياسة، الاعتراف بالأزمة نصف الإصلاح، أما تبريرها فإعادة إنتاجها.
من منظورٍ مالي صرف، تبدو الإجراءات الحكومية من إعفاء الأجور الأقل من 6 آلاف درهم، إلى دعم مهنيي النقل، وإزالة الضريبة على القيمة المضافة عن المواد الأساسية خطواتٍ منطقية على الورق.
لكنّ جوهر المعادلة ما زال مختلًّا: القدرة الشرائية في المغرب لم تتعافَ بعد، بل تتنفس تحت أجهزة إنعاشٍ اجتماعية تموّلها الدولة بالديون والوقت.
إنّ 110 مليارات درهم قد تُكتب في التقارير كإنجازٍ ماليٍّ لافت، لكنها تُقرأ في الأحياء الشعبية كأملٍ مؤجَّل في تراجع الأسعار.
وبين خطاب الطمأنة والواقع المعيش، يظلّ المواطن المغربي يدفع الفاتورة مرتين: مرةً عند الشراء، ومرةً عند الاستماع.
