كشفت فعاليات مدنية أن المغرب، وهو يستعد لاستقبال تظاهرات رياضية كبرى مثل كأس إفريقيا وكأس العالم، يواصل اعتماد مقاربة غريبة في ترتيب الأولويات: فبينما يتم تسريع التشريعات الخاصة بالحيوانات الضالة، يُترك ملف الأشخاص بدون مأوى والمختلين عقليًا في خانة الانتظار، وكأن كرامة المواطن يمكن أن تُؤجَّل إلى حين انتهاء الاحتفالات.
المفارقة أن الحكومة اختارت مقاربة “الترحيل بالقوانين”، حيث يُنقل المشردون من المدن الكبرى إلى مدن أخرى في عملية أشبه بتوزيع الهوامش بدل إدماجها.
سياسة أثبتت فشلها، إذ لم تُنتج سوى فضاءات أكثر هشاشة وبيئات خصبة للجريمة والتفكك، في وقت كان من الممكن تحويل هذه الفئة إلى طاقة اجتماعية فاعلة عبر برامج حقيقية للتأهيل والإدماج.
ويرى فاعلون مدنيون أن المطلوب اليوم ليس مزيدًا من البلاغات ولا صورًا لتلميع الواجهة، بل إستراتيجية وطنية شجاعة تبدأ بتمكين هذه الفئات من التكوين المهني والدعم النفسي والاجتماعي، وصولًا إلى إشراكهم في التنظيم التطوعي للتظاهرات الدولية المقبلة.
خطوة كهذه قد تحوّل الهشاشة إلى إنتاجية، والتهميش إلى قيمة، وتُجنّب الدولة حرج انتقادات المنظمات الحقوقية العالمية.
غير أن الحكومة، وهي تضع نصب أعينها ملاعب جديدة وفنادق فاخرة، تبدو عاجزة عن إدراك أن الصورة الحقيقية لأي بلد لا تُبنى بالحجر فقط، بل بالإنسان أولًا.
وكما يقول المثل الشعبي: “الدار ما تعزّ أصحابها بالزواق، تعزّ باللي ساكن فيها”.
في المحصلة، يظل السؤال قائما: أيهما أولى بالتشريع، أرصفة المشردين أم شوارع الكلاب الضالة؟
وهل تُؤجَّل كرامة المواطن المغربي فعلًا إلى ما بعد صافرة نهاية المونديال؟