تفجّر غضب واسع وسط سكان سلا والرباط بعد توصلهم بفواتير ماء وكهرباء صادمة، وصفها كثيرون بـ”الفلكية”، إذ تجاوزت قدراتهم الشرائية في ظرف اقتصادي خانق.
في الأحياء الشعبية خصوصاً، عبّر المواطنون عن استغرابهم من مبالغ لا تعكس استهلاكهم الفعلي، متهمين شركة “ريضال” باستغلال حرارة الصيف وكثرة استعمال المكيفات لتبرير زيادات غير مفهومة.
ولم يقتصر الاستياء على أرقام الفواتير وحدها، بل شمل رسوماً إضافية مثل “إشعار التأخر” و”مصاريف التدخل التقني”، في غياب أي تدخل حقيقي. رسوم تبدأ بـ78 درهماً، لكنها تتضاعف مع التراكم لتصبح عبئاً دائماً على الأسر.
هذه الأزمة فتحت من جديد ملف التدبير المفوض، بعدما اتضح أن العقد المبرم مع “ريضال” يمتد إلى 2028، ما يجعل فسخه مكلفاً للدولة، ويطرح سؤالاً ملحّاً: كيف تُبرم عقود طويلة الأمد من دون آليات صارمة لحماية المستهلك؟
ورغم إحداث الشركة الجهوية متعددة الخدمات الرباط-سلا-القنيطرة التي تولت مهام التوزيع في مناطق أخرى منذ يوليوز الماضي، ظلّت سلا والرباط تحت وصاية “ريضال”، لتبقى الاحتجاجات التي شهدتها المدينتان مجرد أصوات معزولة بلا نتيجة ملموسة.
اليوم، لم تعد فواتير الماء والضوء مجرّد مؤشرات استهلاك، بل تحوّلت إلى ضريبة غير معلنة تثقل كاهل الأسر الفقيرة والمتوسطة، وتكشف في العمق فشل نموذج التدبير المفوض في حماية المواطن. والسؤال الذي يتردّد من الأزقة الشعبية إلى قلب العاصمة: من يوقف نزيف الفواتير؟