?A New Electoral Law Redefining Integrity… or Reinventing Impunity in a New Form
في لحظةٍ يشتدّ فيها الجدل حول أخلاقيات الممارسة السياسية بالمغرب، يبرز مشروع قانون انتخابي جديد يحمل وعودًا كبرى بإعادة تعريف معنى النزاهة في صناديق الاقتراع.
كشفت مصادر إعلامية أن مشروع القانون الجديد المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب في المغرب يتّجه نحو تبنّي مقاربةٍ غير مسبوقة في محاربة الجرائم الانتخابية، من خلال إسقاط اللائحة الانتخابية بكاملها إذا ثبت تورّط أحد أعضائها في جرائم تتعلق بتوزيع المال العام أو ارتكاب مخالفات انتخابية، حتى وإن كان المعني في أدنى ترتيب اللائحة ولا حظوظ له في الفوز.
ويتضمّن المشروع أيضًا عقوباتٍ سالبة للحرية تصل إلى الحبس، إلى جانب الحرمان من الترشح لولايتين انتخابيتين متتاليتين، في خطوةٍ يُراد منها تعزيز الثقة في المسار الديمقراطي وتكريس مبادئ الشفافية والمسؤولية.
غير أنّ هذا المسعى، على نُبله، يطرح تساؤلاتٍ جوهرية حول عدالة “العقوبة الجماعية” التي تطال اللائحة بأكملها بسبب تصرفٍ فردي، وهو ما قد يصطدم بمبدأ “شخصية العقوبة” الذي يُعدّ أحد أعمدة العدالة الدستورية.
ومع ذلك، فإن روح المشروع تحمل رسالة سياسية واضحة: الدولة تريد أن تُحمّل الأحزاب مسؤولية اختيار مرشحيها، لا أن تتحصن خلف منطق “الخطأ الفردي” حين ينكشف الفساد.
لكن المفارقة الكبرى لا تكمن في النص الجديد، بل في السياق الذي وُلد فيه.
فبحسب تقارير صحافية، يوجد ما بين 35 إلى 45 نائباً برلمانياً، معظمهم من مجلس النواب، يواجهون اليوم متابعاتٍ أو شبهاتٍ قضائية تتراوح بين اختلاس المال العام وسوء التدبير واستغلال النفوذ. وهي نسبةٌ تُثير تساؤلاتٍ عميقة حول معنى “التمثيلية” وجدوى تجديد النخب في ظلّ استمرار الأسماء ذاتها في المشهد السياسي رغم الملفات الثقيلة التي تلاحقها.
فهل سيُطبّق هذا القانون فعلاً ابتداءً من الانتخابات المقبلة؟
أم أننا أمام نصٍّ جديد يجمّل واقعاً قديماً لم يتغير؟
إنّ التجارب المغربية تُعلّمنا أن القوانين لا تُغيّر الواقع ما لم تُفعّل الإرادة السياسية، وأن النزاهة ليست في النصوص بقدر ما هي في الممارسة.
فإذا عادت إلى البرلمان الوجوه نفسها التي تُتابَع اليوم أمام القضاء، فسيقرأ المواطن الرسالة ببساطة: القانون الجديد لم يُولد ليُحاسب، بل ليُنسي الناس القانون القديم.
لا يُقاس نضج الديمقراطية بعدد القوانين التي تُسنّ، بل بمدى احترامها حين تمسّ من يملكون السلطة والنفوذ. فالتاريخ لا يذكر من كتب القوانين، بل من خضع لها.
