After the Grand Wedding… A Royal Project Searching for Its Path Between Luxury and Accountability
المشاريع الكبرى في المغرب تولد من الأحلام الملكية، ثم تكبر داخل دهاليز الإدارة.
بين الرؤية الرفيعة التي تُرسم في التصاميم والواقع الأرضي الذي يُنجز بالبطء والتكرار، تضيع التنمية في الطريق… تمامًا كما ضاعت “مارتشيكا” بين الأمواج والمكاتب.
كشفت مصادر إعلامية أن المدير العام السابق لوكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا، سعيد زارو، أقام حفل زفافٍ فاخرًا لابنه بالعاصمة الرباط، في الوقت الذي تتابع فيه السلطات القضائية التحقيقات حول اختلالاتٍ شابت تنفيذ هذا المشروع الملكي الذي أُطلق سنة 2007 بإشرافٍ مباشر من الملك محمد السادس، لتحويل بحيرة الناظور إلى قطبٍ بيئي وسياحي واقتصادي كبير.
ورغم أن المشروع يُعدّ من أبرز المبادرات الملكية في التنمية الترابية، فإنّ عددًا من أوراشه الأساسية ظلّ متعثرًا منذ سنوات، من بينها مشروع الميناء الترفيهي وتهيئة شارع 80 الذي وُعد بافتتاحه صيف 2021 دون أن يرى النور إلى اليوم.
تشير المعطيات القضائية إلى أن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس كلّف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بفتح تحقيقٍ شامل في التقرير الذي أنجزه المجلس الأعلى للحسابات حول تسيير الوكالة خلال فترة إدارة زارو.
التحقيقات بلغت مراحل متقدّمة، شملت الاستماع إلى عددٍ من الأطر والمسؤولين الماليين، مع سحب جواز سفر زارو ووضعه تحت المراقبة القضائية في انتظار نتائج الخبرات المحاسباتية.
وتفيد التسريبات أنّ التحقيقات همّت صفقاتٍ عمومية وعقود مناولة تجاوزت قيمتها التقديرية، فيما لا تزال مشاريع هيكلية عدّة معلّقة رغم رصد اعتماداتها منذ سنوات.
المفارقة المؤلمة أنّ المشروع الذي كان يُراد له أن يكون واجهةً للتنمية المستدامة في الجهة الشرقية، أصبح اليوم عنوانًا لسؤالٍ أكبر:
كيف تتحوّل المبادرات الملكية إلى أوراشٍ بطيئة بمجرد أن تمسكها الإدارة؟
“مارتشيكا” لم تكن مجرّد ورشٍ بيئي، بل اختبارًا لمفهوم الحكامة في المشاريع الملكية، حيث تتلاقى الرؤية من القمة لكن التنفيذ في القاعدة يعاني من البيروقراطية والتأجيل.
وإذا كانت الرؤية الملكية قد منحت الناظور مشروعًا استراتيجيًا بحجم البحر، فإن سوء التدبير حوّله إلى بحيرةٍ من الانتظار والمذكرات.
يظلّ الزفاف مشهدًا اجتماعيًا، بينما تبقى المحاسبة عنوانًا مؤجّلًا.
أما “مارتشيكا”، فهي اليوم تبحث عن طريقها بين الفخامة والمساءلة،
في بلدٍ يتقن الاحتفال بالمشاريع… لكنه لم يتعلّم بعد كيف يُنهيها.
