Baitas Distributes Hope in Installments — Teaching Generation Z How to Become Teachers Without Age Limits or a Minimum of Logic
الخميس في المغرب لم يعد مجرّد يومٍ إداريٍّ في رزنامة الحكومة، بل تحوّل إلى موعدٍ أسبوعيٍّ لطقوس الطمأنة الرسمية.
في كل خميس، يخرج مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، بابتسامةٍ جاهزةٍ ولغةٍ مدروسةٍ ليشرح للمغاربة كيف تسير الأمور على ما يرام، حتى حين تكون الأرقام في الاتجاه المعاكس.
هذا الخميس، قدّم بايتاس درسًا جديدًا في فنّ توزيع الأمل بالتقسيط.
أعلن أن عدد المناصب المخصصة لمباراة التعليم للسنة المقبلة هو 20 ألف منصب، وأن الحكومة تواصل دراسة تخفيض سنّ الترشح بإلغاء شرط الثلاثين سنة.
وأضاف أن “وزير التربية الوطنية تحدث خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين عن مراجعة السن المطلوب لاجتياز المباراة، وأن الحكومة ستعلن عن الشروط قريبًا.”
تصريحات تبدو في ظاهرها بشرى للشباب، لكنها في جوهرها محاولة لتجميل تضاربٍ صارخٍ بين الخطاب والوثائق الرسمية.
فمشروع قانون المالية لسنة 2026 لا يذكر سوى 397 منصبًا ماليًا لوزارة التربية الوطنية، بينما يعلن بايتاس عن 20 ألف، والبلاغ الحكومي يتحدث عن 27 ألف منصب في قطاعي التعليم والصحة معًا.
كيف يمكن لحكومةٍ أن تُعلن ثلاثة أرقام مختلفة في أسبوعٍ واحد حول نفس المناصب؟
الجواب بسيط: البلاغات في المغرب تُكتب بالأمل لا بالأرقام.
ثم يضيف بايتاس، بجديةٍ مريحة، أن “تشجيع الترشح المستقل للشباب يفتح أمامهم المجال في مواجهة تحديات التزكيات داخل الأحزاب السياسية.”
تصريحٌ جميل، لولا أنه اعترافٌ ضمنيٌّ بفشل الأحزاب التي يقودها التحالف الحكومي في تجديد نخبها أو إقناع شبابها.
فبدل إصلاح المشهد الحزبي، تُقدّم الحكومة “الترشح المستقل” كبديلٍ عن السياسة نفسها؛
وكأنها تعلن فشل المدرسة ثم تشجّع التلاميذ على التعلّم في الشارع.
واصل بايتاس وعوده قائلًا إن “القوانين الانتخابية الجديدة ستدعم الشباب، وتُبسّط الشروط، وتمنحهم 75 في المئة من الدعم المخصص للانتخابات.”
هكذا يتحوّل “التمكين السياسي” إلى عمليةٍ حسابيةٍ دقيقة، يُقاس فيها الأمل بنسبة التمويل بدل عمق الإصلاح.
وما لا يقوله بايتاس هو أن هذه الخطوة تُمهّد لتفكيك الوساطة الحزبية، وإعادة تشكيل الخارطة الانتخابية على مقاس “المستقلين المضمونين”.
وفي نغمةٍ تصالحيةٍ مألوفة، تحدّث عن اللجان التقنية الخاصة بإصلاح التقاعد مؤكدًا أنها “تشتغل والحكومة تؤمن بالمقاربة التشاركية.”
لكن لا أحد رأى تلك اللجان منذ شهور، تمامًا كما لم ير أحد “الجهات التي تشتغل على الإصلاح الضريبي” أو “مجموعات العمل حول الحوار الاجتماعي.”
العمل في هذه الحكومة صار مثل البخار: يُرى فقط حين يتكلّم الوزير.
الخلاصة أن تصريحات بايتاس ليست مجرّد بلاغٍ إداري، بل مرآةٌ لأسلوبٍ كاملٍ في الحكم؛
أسلوب يراهن على اللغة بدل السياسة، وعلى التطمين بدل المحاسبة.
وحين تتحوّل ندوة الخميس إلى أداةٍ لقياس درجة الصبر الشعبي، يصبح الناطق الرسمي الناطق الوحيد باسم كلّ ما لم يُنجز بعد.
الحكومة التي تتحدث عن تشغيل الشباب، وتفتح أمامهم باب الترشح المستقل، وتَعِدهم بإصلاح التقاعد، تبدو كمن يوزّع الأمل بالتقسيط في بلدٍ يسدّد ديونه بالجملة.
