Dismissal of the Regional Health Director in Rabat: Early Signs of an Official Year of Cronyism and Pre-Political Sunset Appointments
لا أحد يُقال في المغرب… الجميع يُعاد تدويره.
الكرسي الإداري، مهما تهشّمت رجلاه، يظل دائمًا يجد له جسدًا جديدًا يجلس عليه.
أمس، أصدر وزير الصحة والحماية الاجتماعية قرارًا بإعفاء نورية السعيدي من مهامها كمديرة جهوية للصحة بجهة الرباط سلا القنيطرة، وتعيين الدكتور عبد الغني الدغيمر بالنيابة إلى حين تعيين مسؤول جديد بصفة رسمية.
قرارٌ إداري في المظهر، لكنه في الجوهر مرآة صغيرة لحركةٍ أكبر داخل وزارةٍ تُعيد ترتيب أوراقها على عجل، وكأنها تُجري جراحةً تجميلية قبل نهاية الولاية الحكومية.
خلف هذا القرار تلوح ملامح مشهدٍ سياسيٍّ أوسع: سنة 2025 تُفتتح كموسمٍ جديدٍ لتدوير الكراسي وتبادل المواقع، حيث تتسارع التعيينات في مناصب عليا وكأن الحكومة تودّع نفسها على إيقاع إعادة توزيع النفوذ لا الإصلاح.
الوجوه تتبدّل، لكن المنطق نفسه يستمر: الولاءات قبل الكفاءات، والانتماء الحزبي قبل المردودية.
في المغرب الإداري، الكرسي ليس مسؤوليةً بل امتيازٌ اجتماعيٌّ يُورَّث ويُتفاوض عليه، والنيابة لم تعد حالةً انتقالية، بل نظام حكمٍ مصغّرٍ يعيد إنتاج التوازنات دون المساس بالبنية العميقة للمصالح.
الزبونية والمحسوبية، اللتان يُفترض أنهما من مخلفات الماضي، تعودان اليوم في ثوبٍ مؤسساتيٍّ جديد، كأنهما صارتا أدوات اشتغالٍ رسمية في توزيع المناصب والمكافآت.
ومع اقتراب نهاية الولاية، يتكرّس منطق “ضمان المواقع قبل الحساب” كقاعدةٍ ذهبيةٍ لإدارة المرحلة.
المناصب تُمنح لا على أساس الكفاءة أو التجربة، بل وفق معادلةٍ بسيطة: من يعرف من، ومن يخدم من، ومن يملك مفاتيح القرب من السلطة.
كل إعفاءٍ يتحوّل إلى مقدّمة لتعيينٍ محسوب، وكل تعيينٍ جديد يبدو كأنه صفقة هادئة بين الأجنحة لا بين الكفاءات.
وهكذا تتكاثر “النيابات” كما تتكاثر اللجان، في بلدٍ صار فيه المؤقت دائمًا أكثر من الدائم، والقرارات الإدارية أقرب إلى رسائل سياسية مكتوبةٍ بحبرٍ إداريٍّ بارد.
سنة 2025 ستكون اختبارًا حقيقيًا للدولة في مرآتها البيروقراطية:
هل ستملك شجاعة القطع مع الزبونية التي نخرت الثقة في المؤسسات؟
أم ستكتفي بترميم الواجهة عبر حركة تدويرٍ واسعة تُغيّر الأسماء وتُبقي الوجوه نفسها خلف الستار؟
ما يحدث في وزارة الصحة اليوم ليس سوى عيّنة من مشهدٍ عامٍّ يتّسع كل يوم:
حركة إعفاءات وتعيينات بالجملة، تتقدّمها لغة “الإصلاح” وتخفي وراءها هندسة دقيقة لإعادة توزيع الولاءات.
الإدارة تتحوّل تدريجيًا إلى صالونٍ سياسيٍّ موسميٍّ، تُدار فيه المناصب كما تُدار الحملات الانتخابية بنَفَسٍ حزبيٍّ محسوبٍ وموازين دقيقة بين من يُرضي ومن يُستبعد.
لا أحد يُغادر فعلاً…
بل فقط يُبدّل المقعد، ويحتفظ بالمفتاح نفسه في جيب معطفٍ جديد.
