كشفت مصادر إعلامية عن معطيات مثيرة في قضية هزّت المشهد السياسي بإقليم القنيطرة، بعدما أحالت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بمشرع بلقصيري نائباً برلمانياً عن حزب الاستقلال على قاضي التحقيق، إثر اتهامات ثقيلة تتراوح بين انتزاع حيازة عقار، والنصب، والسرقة.
القضية، التي بدأت بشكاية عادية، فتحت مساراً معقّداً من التحقيقات تداخلت فيه شبهات استغلال النفوذ، وسوء التدبير، وصفقات عمومية يلفّها الغموض، إضافة إلى تفويت أراضٍ بطرق غير قانونية.
البرلماني المعني، الذي يشغل أيضاً منصباً جماعياً بارزاً، خضع لاستجوابات مطوّلة من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، قبل أن يقرر وكيل الملك إحالته على قاضي التحقيق لتعميق البحث. غير أن ما يجعل هذه القضية تتجاوز بعدها المحلي، هو أنها تعكس نمطاً مألوفاً لدى الرأي العام: سياسيون يصعدون إلى السلطة بموارد محدودة، ثم لا يلبثون أن يصبحوا أصحاب ثروات وعقارات ومشاريع، دون أن تطالهم أسئلة “من أين لك هذا؟”.
هذه الظاهرة، وإن برزت اليوم في القنيطرة، فهي جزء من مشهد حزبي وطني يواجه أزمة أخلاقية حقيقية، حيث يتحول العمل السياسي من وسيلة لخدمة المواطنين إلى أداة لتضخيم الثروات وتوسيع دوائر النفوذ، بينما تبقى آليات المراقبة أسيرة البطء أو الانتقائية.
ويرى مراقبون أن استعادة ثقة المواطنين تقتضي إصلاحات جذرية، تبدأ بإلزام جميع المنتخبين بالتصريح بمصادر ثرواتهم قبل وأثناء وبعد توليهم المناصب، وربط الحصانة البرلمانية بمساءلة مالية وأخلاقية صارمة.
ومهما كانت مآلات التحقيقات في ملف برلماني القنيطرة، فإن السؤال الجوهري يظل مطروحاً: هل ستبقى السياسة في المغرب رخصة للإثراء السريع بلا رقيب، أم أن لحظة القطع مع هذه الحلقة المفرغة قد حانت؟
أما إذا ظل السياسي على هذا النهج، فلا سلام على الأحزاب، ولا عزاء في السياسة.