شهدت مدينة القنيطرة نهاية الأسبوع حدثاً مثيراً للجدل بعد أن قررت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عزل الدكتور مصطفى قرطاح، خطيب مسجد الغفران، عقب خطبة الجمعة
التي خصص جزءاً منها لانتقاد ما وصفه بـ”مظاهر التفاهة والانحلال” خلال إحدى سهرات المهرجان المحلي، في إشارة إلى المغني المعروف بـ”طوطو”.
القرار لم يصدر مرفقاً ببلاغ رسمي، لكنه سرعان ما أثار سيلاً من التساؤلات حول حدود حرية الإمام في ممارسة دوره التوجيهي، وحول المعايير التي تعتمدها الوزارة في ضبط المنابر الدينية.
فالمصادر تؤكد أن سبب العزل مرتبط بخرق مضامين “الميثاق الوطني للأئمة والمرشدين” الذي يمنع الخوض في القضايا ذات الطابع السياسي أو الشخصي، في وقت يرى متابعون أن الإجراء أقرب إلى ردّ فعل مباشر على انتقاد علني لمسألة تثير الجدل في الفضاء العام.
الخطوة أثارت ردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي. فريق اعتبر أن الواقعة تكشف مفارقة واضحة بين دعم المهرجانات الفنية المثيرة للجدل والتضييق على الأصوات الدينية، بينما رأى آخرون أن الوزارة طبقت قواعدها بحزم لتفادي تسييس المنابر وتحويلها إلى منصات لتصفية الحسابات الرمزية.
لكن ما زاد القضية تعقيداً هو البعد السياسي المرتبط بشخص الخطيب؛ فالدكتور قرطاح معروف بانتمائه إلى حركة التوحيد والإصلاح، ما منح الحادثة بعداً إضافياً، خصوصاً أن الحركة تمثل الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية.
هذا المعطى جعل القرار يتجاوز حدود التدبير الديني ليأخذ طابعاً سياسياً في أعين الكثيرين.
القضية تطرح أسئلة عميقة: هل يمكن للإمام أن يعبر عن موقفه من مظاهر يراها مهددة للقيم دون أن يُتّهم بخرق الميثاق؟ وهل من الممكن فصل الخطاب الديني عن النقاشات المجتمعية التي تشغل الرأي العام؟
في النهاية، يظهر أن وزارة الأوقاف اختارت طريق الحزم في مواجهة كل خروج عن النص الرسمي، وهو ما يبرز هشاشة التوازن القائم بين الضبط المؤسساتي ومتطلبات الواقع.
فبين من يرى في العزل تضييقاً على حرية الوعظ، ومن يعتبره حماية للمساجد من الانجرار وراء صراعات المجتمع، تبقى الحادثة شاهداً على جدل مفتوح حول مستقبل المنابر الدينية في المغرب في زمن التحولات المتسارعة.
								