أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، أن الحكومة المغربية تملك الصلاحيات الكاملة لتقنين الأسعار وتسقيفها متى دعت الضرورة، استناداً إلى قانون حرية الأسعار والمنافسة (104.12).
كلام واضح، يؤكد أن النصوص القانونية تمنح السلطة التنفيذية كل الآليات الكفيلة بحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
لكن المفارقة أن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خرج في حوار تلفزيوني على القناتين الأولى والثانية ليصرّح بأن الحكومة “لا تتحكم في الأسعار”.
هنا يطفو التناقض الصارخ: وزيرة تستند إلى نصوص القانون لتقول “نستطيع”، ورئيس حكومة يرفع يديه ليقول “لا نتحكم”.
فهل نحن أمام اختلاف في الرؤية أم أمام تبرؤ سياسي مقصود؟
القانون واضح لا لبس فيه:
المادة 3 تسمح بتقنين دائم للأسعار في حالات الاحتكار، أو الدعم العمومي، أو صعوبات التموين.
المادة 4 تمنح الحكومة صلاحية التدخل المؤقت لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة، لمواجهة الارتفاعات المفرطة أو الظروف الاستثنائية أو الكوارث العامة.
وقد استعملت الحكومة هذه الصلاحيات فعلاً خلال جائحة كوفيد-19، حين سُقفّت أسعار الكمامات والمعقمات والتحاليل. لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: لماذا تُستعمل هذه الصلاحيات فقط في مواجهة الجوائح الصحية، بينما القدرة الشرائية للمغاربة تنزف يومياً في صمت أشدّ قسوة؟
المواطن البسيط لا يعنيه نص المادة 3 أو 4، ولا يقرأ التعديلات التي عرفها القانون منذ سنة 2000. ما يهمه هو أن يجد قنينة الغاز، لتر البنزين، وكيلو الطماطم بثمن يستطيع دفعه. وما يسمعه اليوم لا يزيده إلا حيرة: وزيرة تؤكد أن الحكومة تستطيع، ورئيس حكومة يعلن أنه لا يتحكم، بينما السوق يفرض منطقه بلا رحمة.
الحقيقة أن الأسعار في المغرب لم تعد محكومة لا بالقانون ولا بالقدرة السياسية، بل بمنظومة مصالح ولوبيات قوية. وبين لغة “المتابعة” وغياب “التدخل”، تظل جيوب المواطنين هي الخاسر الأكبر.
ويظل السؤال قائماً: إذا كان القانون يمنح الحكومة الصلاحية، فما الذي يمنعها من حماية القدرة الشرائية؟ أهي كلفة سياسية لا تريد دفعها، أم أن لوبيات السوق أقوى من نصوص القانون؟