حسب مصادر قد يكون المشهد المقبل من الانتخابات التشريعية على موعد مع تحوّل غير مسبوق. فبعض الأحزاب، وقد أعيتها أزمة الثقة وتآكل النخب داخل صفوفها، تبحث اليوم عن وصفة سحرية تستعيد بها جزءًا من بريقها المفقود.
وإذا كان الماضي قد شهد استقطاب الفنانين والرياضيين لتزيين اللوائح، فإن القادم قد يشهد موجة جديدة: صعود المؤثرين الرقميين إلى قلب العملية الانتخابية.
قد يُقدَّم هذا التحول على أنه تحديث لآليات التواصل أو انفتاح على شرائح واسعة من المجتمع، لكنه في العمق يكشف عجزًا بنيويًا: عجز بعض الأحزاب عن إنتاج نخب سياسية تحمل برامج واضحة ورؤى متينة.
وبدل الرهان على الكفاءة والخبرة، تلجأ إلى منطق “المتابعات” و”الإعجابات”، في محاولة لاختصار الطريق نحو صناديق الاقتراع.
فإن صدق الأمر، فهذا يعني أن السياسة في المغرب لم تعد تُدار بالبرامج ولا تُقاس بالرؤى، بل تتحول فجأة إلى عرض مباشر: دموع تُسكب أمام الكاميرا، وعود تُبث في مقاطع قصيرة، وجمهور يتأثر للحظة ثم يغلق هاتفه. أما المستقبل، فيُترك ليُدار بمنطق “الترند” بدل منطق المؤسسات.
تصوّر أن يقف الناخب أمام لائحة انتخابية يتصدرها مؤثر احترف البكاء على غلاء البصل، أو آخر صنع شهرته في تحديات المقاهي، أو ثالث جمع بين التنمية البشرية وطبخ الكسكس.
مشهدٌ كاريكاتوري في ظاهره، لكنه محتمل في ظل عجز حزبي عن إعادة بناء الثقة وإنتاج قيادات تحمل مشروعًا وطنيًا.
السياسة، في أصلها، مسؤولية وطنية كبرى، وليست حملة تسويقية عابرة. فإذا تحولت إلى مجرد سباق على المشاهدات والمتابعات، فإننا أمام خطر تفريغها من معناها الجوهري: خدمة الشأن العام وصناعة أفق جماعي.
خاتمة:
الانتخابات المقبلة قد تكون أقرب إلى مسرحية رقمية كبرى، جمهورها يتفاعل بالتعليقات والرموز التعبيرية، بينما الواقع المعيشي يواصل فرض أسئلته القاسية: فواتير ترتفع، وخدمات تتراجع، وواقع سياسي لم يُكتب بحبر الإرادة الشعبية، بل بخوارزميات المنصات.