في لقاء حزبي نظمه حزب التجمع الوطني للأحرار يوم السبت 14 شتنبر 2025 بجماعة تاملالت، خرج لحسن السعدي، عضو المكتب السياسي “ربحنا المعركة”، ليؤكد أن رئيس الحكومة ظهر في حلة رجل دولة لا يسعى إلى مكاسب انتخابية ضيقة، وأن الحزب “يصنع النقاش” و”يفرض الإيقاع”.
غير أن السؤال الذي يتفادى الجميع طرحه هو: أي نقاش يقود؟ وضد من يفرض هذا الإيقاع؟
حين يتحدث السعدي عن “خصوم قلقين”، من يقصد تحديداً؟ أهي معارضة فقدت أنفاسها وتحوّلت إلى كتل برلمانية صامتة؟ أم هي نقابات جرى استيعابها داخل دوائر التوازنات؟ أم أن “الخصوم” في الحقيقة هم المواطنون أنفسهم، أولئك الذين يرفعون أصواتهم في الشارع، في المستشفيات، وفي الجامعات؟
وإذا كانت الحصيلة “مشرفة جداً” كما يقال، فكيف نفسر استمرار موجات الاحتجاج من الأطباء والأساتذة والطلاب، وكيف نفهم أن قرى كاملة ما تزال تبحث عن ماء الشرب وعن مدرسة تحفظ لأطفالها الحد الأدنى من الكرامة؟ هل هؤلاء أيضاً يُحسبون في خانة الخصوم؟
المفارقة أن لغة السعدي مفعمة بروح الحرب والانتصار، وكأن السياسة معركة عسكرية تُقاس فيها الغنائم بعدد التصفيقات. بينما جوهر العمل العام ليس في إعلان الانتصارات، بل في بناء مؤسسات قادرة على مواجهة هشاشة الواقع.
فما جدوى شعار “ربحنا المعركة” إذا كانت ساحات التعليم والصحة والهشاشة الاجتماعية مليئة بالهزائم اليومية؟
إن المقارنة المستمرة مع “السنوات العجاف” لا تعدو أن تكون ورقة انتخابية بالية.
فكل حكومة تصف سابقتها بالعجز، لكنها تكرر الأخطاء نفسها: وعود كبرى لا تجد طريقها إلى التنفيذ، وواقع يومي يزداد ثقلاً على المواطن. فما الذي تغير إذن سوى الأسماء والوجوه؟
الحقيقة أن النقاش الحقيقي لا يُدار في القاعات ولا في المهرجانات الحزبية، بل في عمق الحياة اليومية: حين يضطر المواطن إلى طرق أبواب الإدارات بلا جدوى، أو حين يجد نفسه أمام مستشفى بلا دواء ومدرسة بلا معلم. أما ما يُقدَّم على أنه “إيقاع سياسي”، فليس سوى صدى صوت في ساحة فارغة.