Who Protects Moroccans’ Health… When Cheese Becomes a Mirror of Failing Oversight
مقطعٌ واحد لم يتجاوز ثلاثين ثانية كان كافيًا ليُشعل جدلًا واسعًا في المغرب.
فقد تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يُقال إنه لخبيرٍ في التغذية فرنسيّ الجنسية، تحدّث فيه عن وجود مواد مضافة ومحفّظة في بعض أنواع الأجبان المتداولة في السوق المغربية، مؤكّدًا أن هذه المواد لا تُستعمل في النسخ الموزّعة داخل فرنسا.
تصريحٌ يبدو بسيطًا في ظاهره، لكنه يفتح بابًا واسعًا على سؤالٍ أكثر عمقًا:
هل تختلف معايير السلامة باختلاف المستهلك؟
ينصّ القانون المغربي رقم 28.07 المتعلّق بسلامة المنتجات الغذائية على أن كل مادة تُعرض في السوق يجب أن تكون «سليمة وغير مضرة بصحة الإنسان»، كما يضمن القانون رقم 31.08 المتعلّق بحماية المستهلك حق المواطن في الحصول على معلومة صحيحة وواضحة حول ما يستهلكه من منتجات.
ومع ذلك، تظلّ المسافة بين النص والممارسة واسعة، حيث تتوارى الشفافية خلف جدارٍ من الغموض الإداري والبيروقراطية الثقيلة.
وإذا كانت بعض المواد المضافة المصنَّفة دوليًا ضمن الفئة المثيرة للجدل صحيًا ما تزال تجد طريقها إلى رفوف الأسواق المغربية، فإن السؤال لا ينبغي أن يُوجَّه إلى المصنع فقط، بل إلى الجهة التي يفترض أن تراقب المصنع.
فأين كانت أجهزة المراقبة، وعلى رأسها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، حين سُمح بتداول هذه المواد؟
وأين نتائج التحاليل المخبرية التي يُفترض أن تُنشر للرأي العام بانتظام؟
لقد تحوّل هذا الجهاز، الذي يُفترض أن يكون حصنًا للسلامة الغذائية، إلى إدارةٍ تفاعلية أكثر منها استباقية؛ يظهر بعد الضجة لا قبلها، ويكتفي ببلاغاتٍ مقتضبة لا تشفي غليل المواطن ولا تُجيب عن الأسئلة الجوهرية.
وفي غياب المعلومة الرسمية، يجد المستهلك المغربي نفسه محاصرًا بين إعلاناتٍ مطمئنة وتقارير أجنبية مقلقة، في مفارقةٍ تُضعف الثقة وتُقوّض الحق في الاطمئنان.
القضية، في جوهرها، تتجاوز قطعة الجبن أو نوع المضافات، لتلامس معنى السيادة الغذائية ومفهوم العدالة الصحية.
فحين تتشدّد الأسواق الأوروبية في حظر أي مادة مشكوك فيها، بينما تُترك السوق المغربية مفتوحةً على الاحتمال، يتحوّل الأمر من خللٍ إداري إلى تمييزٍ غذائيٍ غير معلن.
تمييزٌ يرسّخ فكرة أن الحق في الحماية الصحية ليس متكافئًا بين الشعوب، وأن الجسد المغربي أقلّ استحقاقًا للأمان من نظيره الأوروبي.
إن حماية صحة المواطنين ليست منّةً من الدولة، بل واجبٌ دستوريٌّ وأخلاقيٌّ لا يقبل التأجيل.
فالفصل 20 من الدستور المغربي يكرّس الحق في الحياة، والفصل 27 يضمن الحق في المعلومة، والفصل 31 يُلزم السلطات بتيسير أسباب الحماية الصحية.
ومن ثمّ، فإن أي تقصيرٍ في المراقبة أو امتناعٍ عن نشر الحقيقة يُعدّ إخلالًا مباشرًا بالعقد الاجتماعي الذي يربط الدولة بمواطنيها.
قد تكون قطعة الجبن صغيرة الحجم، لكنها تكشف هوةً واسعة بين القانون والضمير، وبين المسؤولية والمحاسبة.
فإمّا أن تستعيد المؤسسات ثقة المواطن عبر الشفافية واليقظة،
وإمّا أن يظلّ المستهلك المغربي يقتات على الشكّ، فوق مائدةٍ لا تضمن سوى طعم الغموض.
