When a Youth Center Becomes a Private Clinic… An Urban Scandal Shakes Tangier and Revives the Question: Who Owns the City?
كشفت مصادر إعلامية أن مدينة طنجة تعيش على وقع ما بات يُعرف بـ“قضية تفويت دار الشباب إلى مصحة خاصة”، بعدما فجّر سكان حي “رياض أهلا” واحدًا من أكثر ملفات التعمير إثارةً للجدل في شمال المغرب، كاشفين عن سلسلة تحويلات غامضة همّت مرافق عمومية كانت مبرمجة لفائدة الساكنة، قبل أن تجد طريقها إلى القطاع الخاص، في صمتٍ رسمي يثير أسئلة عميقة حول شفافية الحكامة المحلية ومراقبة احترام تصاميم التهيئة.
القضية تفجّرت عقب تداول وثائق رسمية صادرة عن الوكالة الحضرية لطنجة تُظهر تغيير تخصيص قطعة أرضية كانت مقرّرة لدار الشباب ضمن تصميم التجزئة إلى مصحة خاصة، وهو ما اعتبرته جمعية “حي رياض أهلا للتنمية والبيئة والرياضة والثقافة” خرقًا صريحًا للقانون، ودليلاً على “تلاعبات متكرّرة” بالمرافق الجماعية التي كان يُفترض أن تضمن جودة العيش في الحي.
وكشفت المصادر ذاتها أن الجمعية وجّهت مراسلات متتالية إلى وزارة الداخلية، مطالبةً بفتح تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات، بعد أن تحوّلت أيضاً مدرسة ابتدائية عمومية إلى مؤسسة تعليمية خاصة، ومرفق رياضي مخصّص للشباب إلى عمارة سكنية.
كما لم يُنجز عدد من المرافق الأساسية، بينها مستوصف القرب والملحقة الإدارية وملعب القرب، رغم مرور سنوات على انتهاء أشغال التجهيز والتسليم المؤقت.
وأكدت مصادر من داخل المجلس الجماعي أن منتخَبين تقدّموا باستفسارات رسمية حول ظروف الترخيص وتحويل العقار، في ظلّ حديث متزايد عن “شبهات تواطؤ” بين فاعلين عقاريين ومسؤولين محليين سهّلوا عمليات التغيير في صمت، عبر تعديلات تم تمريرها خارج المساطر القانونية ودون أي تشاور مع الساكنة أو مبررات معلَلة.
وتشير المعطيات المتوفّرة إلى أن هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها في حي “رياض أهلا”، إذ سبق أن شهد الحي عمليات مشابهة انتهت بتحويل مرافق كانت مخصّصة للصالح العام إلى مشاريع خاصة، ضمن ما تصفه المصادر بأنه “نمط ممنهج لخصخصة الفضاء العمومي تحت غطاء التنمية المحلية”.
وتعود جذور الملف إلى سنة 2004، حين جرى الترخيص للتجزئة السكنية مع إلزام الشركة الوصية بإنجاز مرافق عمومية من قبيل مستوصف صحي، مدرسة ابتدائية، ملعب قرب، ومسجد.
غير أن جزءًا واسعًا من هذه المرافق تم تفويته تدريجيًا منذ سنة 2017، في عهد مجالس جماعية متعاقبة، على رأسها تلك التي كانت تحت قيادة حزب العدالة والتنمية، بذريعة “تعويض الخصاص في ميزانية الجماعة”.
وتشير مصادر جمعوية إلى أحكام قضائية صدرت سابقًا لفائدة الساكنة لاسترجاع بعض العقارات، من بينها قطعة أرضية كانت مخصّصة للمسجد، غير أن التنفيذ لا يزال يراوح مكانه في انتظار تفعيل المسطرة النهائية لتسليم ما تبقّى من المرافق المنجزة.
اليوم، لم تعد القضية مجرّد نزاعٍ محلي، بل مرآةٌ لأزمة أعمق في تدبير المجال الترابي بمدينة طنجة، حيث تتحوّل قرارات التعمير إلى مجال مغلق بين نفوذ المال والإدارة، في غياب المراقبة والمساءلة.
فما وقع في “رياض أهلا” ليس استثناءً، بل جزء من مشهدٍ عمرانيٍّ مغربيٍّ أكبر، يُعيد طرح السؤال المركزي: من يملك المدينة… الدولة أم المصالح؟
من طنجة إلى الدار البيضاء، تتكرّر القصة نفسها: مرافق عمومية تفقد هويتها باسم “الاستثمار”، ومدن تُدار كأنها شركات.
وحده المواطن ما زال ينتظر جوابًا بسيطًا على سؤالٍ كبير:
هل التنمية تُبنى من أجل الناس… أم على حسابهم؟
