The “Social State” on Paper… When Public Investment Becomes a Gift to the Private Sector
كشفت مصادر إعلامية أن مشروع قانون مالية 2026، الذي تراهن عليه الحكومة لتأكيد شعار “الدولة الاجتماعية”، يواجه انتقاداتٍ واسعة من النقابات بسبب غياب أي رؤية اجتماعية حقيقية، وبسبب تحويل العدالة الاقتصادية إلى مجرّد معادلة محاسباتية.
الكونفدرالية الديمقراطية للشغل لم تُجامل هذه المرة.
في بيانها الأخير، اتهمت الحكومة بتجميد الحوار الاجتماعي وتجاهل المطالب الملحّة للشغيلة والمواطنين، معتبرةً أن رفع ميزانية الصحة والتعليم إلى 140 مليار درهم لا يخفي الفساد البنيوي ولا يُبرّر إلباس المشروع شعار “الدولة الاجتماعية”.
فالدولة الاجتماعية، كما تقول الكونفدرالية، ليست أرقامًا في الجداول، بل فلسفة في توزيع الثروة وضمان الكرامة.
وأضافت المصادر أن النقابة اعتبرت عرض مشروع قانون التعليم المدرسي بالتوازي مع قانون المالية مؤشّرًا على توجهٍ خطير نحو خوصصة المدرسة العمومية وسلعنتها، في تناقضٍ صريح مع مبدأ المجانية وتكافؤ الفرص.
فحين يُصبح التعليم سلعةً والخدمات الصحية بندًا في دفتر الصفقات، تتحوّل العدالة الاجتماعية إلى شعارٍ بلا مضمون.
النقابة انتقدت أيضًا استمرار نفس التوجهات الاقتصادية التي تُثقل كاهل الطبقات الوسطى والفقيرة، مقابل توسيع الامتيازات الضريبية للرأسمال الكبير.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة إصلاحًا ضريبيًا يعيد التوازن بين من يدفع ومن يستفيد، يأتي مشروع المالية ليُكرّس نفس المفارقة: المواطن البسيط يدفع الثمن، بينما تُوزَّع الامتيازات في الصمت.
أما الاستثمارات العمومية التي تتباهى بها الحكومة كدليلٍ على “التحول التنموي”، فقد تحوّلت فعليًا إلى هدايا مؤسساتية للقطاع الخاص.
فبدل أن يكون الرأسمال الوطني شريكًا في التنمية، أصبح المستفيد الأول من أموالها.
وتُظهر الأرقام أن خمس جهات فقط تستحوذ على نحو 60% من إجمالي الاستثمارات العمومية، ما يعمّق الفوارق المجالية ويُفرغ مفهوم “الجهوية المتقدمة” من محتواه التنموي الحقيقي.
وبينما تُرفع الشعارات، يُجمَّد الحوار الاجتماعي.
فالحكومة، بدل أن تفتح نقاشًا عموميًا حول أولويات الإنفاق وتوزيع الموارد، تختبئ وراء لغةٍ تقنية ومؤشراتٍ منمّقة.
كأن الأرقام وحدها تكفي لإقناع مواطنٍ فقد ثقته في قدرة السياسات العمومية على تغيير واقعه.
الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بلهجةٍ هادئة لكنها حاسمة، حوّلت بيانها إلى إنذار سياسي أكثر منه موقفًا نقابيًا.
فما بين الدولة التي تتحدث باسم العدالة، والدولة التي تشتغل بمنطق السوق، تضيع الطبقة المتوسطة، ويُختزل الحوار الاجتماعي في بلاغاتٍ مطمئنة لا تُطعم خبزًا ولا تحفظ كرامة.
وتبقى “الدولة الاجتماعية” عنوانًا جميلًا يُعلّق على جدارٍ مليء بالتشققات.
أما الواقع، فله لغته الخاصة: استثمارٌ يذهب للخواص وحوارٌمؤجّل، وعدالةٌ مؤقتة… على الورق فقط.
