A 20-Dirham T-Shirt… When Freedom Is Sewn at a High Price in Morocco 2025
في هذا البلد، لم تعد الحرية تُقاس بما يُقال في الخطب، بل بما يُسمح لك أن ترتديه.
صارت الكلمة تُراقَب حين تُقال، والشعار يُحاسَب حين يُطبع، وحتى القماش صار يخضع للتأويل الأمني.
جيلٌ جديد أراد أن يعبّر عن إيمانه بالصحة والتعليم وبالقضية الفلسطينية، فوجد نفسه داخل ملفٍّ جنائي.
ثلاثة شبّان طبعوا على قمصان المنتخب الوطني عبارتين بسيطتين: “فلسطين حرة” و“الصحة والتعليم حق للجميع”،
فوجدوا أنفسهم أمام المحكمة الابتدائية بالرباط، بأحكامٍ تراوحت بين شهر وأربعة أشهر حبسًا نافذًا.
قصة بدأت من مطبعةٍ صغيرة بالرباط، وانتهت بملفٍّ ثقيلٍ في سجلات العدالة.
عشرون درهمًا فقط كانت كافية لتكشف أن كلفة الحرية في مغرب 2025 لم تعد رمزية… بل باهظة.
هيئة الدفاع التي ضمّت اثني عشر محاميًا أكدت أن الملفّ “خالٍ من الأدلة ومليء بالخروقات”:
تفتيشٌ دون إذنٍ من النيابة العامة، محاضر أُنجزت من طرف فرقة غير مختصّة، وغياب حالة التلبّس.
أما المتهمون الثلاثة، فشرحوا أن المبادرة كانت شخصية وعفوية، وأن القمصان لم تكن للبيع ولا للتحريض، بل تعبيرًا رمزيًا عن قضايا يؤمن بها جيلٌ كامل.
لكن الحكم صدر كما لو أن المحكمة حاكمت “المعنى” لا “الفعل”، والنوايا بدل الوقائع.
الحقوقية خديجة الرياضي رأت أن الغاية من هذه المحاكمات “ليست تطبيق القانون، بل تخويف الشباب وتضييق مساحات التعبير”.
أما منظمة “هيومن رايتس ووتش” فدعت المغرب إلى احترام التزاماته الدولية، مؤكدةً أن التضامن مع فلسطين والمطالبة بحقوقٍ اجتماعية لا يمكن أن يُعدّا جريمة.
القضية تجاوزت حدود القمصان.
إنها مرآةٌ لزمنٍ أصبحت فيه الرموز تُقلق أكثر من الوقائع، والرسومات تُخيف أكثر من التصريحات.
جيلٌ جديدٌ يُدرك أن أخطر ما يمكن أن تفعله اليوم هو أن تقول الحقيقة بأناقة، أو أن ترتديها على صدرك دون تصريحٍ مسبق.
المفارقة صادمة:
من يبدّد المال العام يُكافأ باسم “الاستحقاق الإداري”، ومن يطبع شعارًا إنسانيًا يُدان باسم “التحريض”.
من يرفع راية فلسطين في المنصّات الرسمية يُصفّق له الجميع،
ومن يرفعها في الشارع يُستدعى للتحقيق.
حين تُصبح المطالبة بالصحة والتعليم تهمة، ويُدان التضامن مع فلسطين بحكمٍ قضائي، فالمشكل ليس في القميص… بل في الذهنية التي تخاف من الألوان أكثر من خوفها من الفساد.
الحرية لا تُخاط في القوانين فقط، بل تُخاط أيضًا على القماش، في وجدان جيلٍ لم يعد يخاف أن يقولها… ولو بالحبر الأخير.
