When Tourism Meets Advertising: Moroccan Minister Promotes a Private Hotel on Her Official Account
رفاهية المنصب وحدود الحياد… وزيرة السياحة بين الترويج والاستغلال الرمزي للسلطة
في مشهدٍ أنيق المظهر، مثير الدلالة، ظهرت وزيرة السياحة المغربية فاطمة الزهراء عمور داخل أروقة فندقٍ فاخر يحمل اسم Story Le Carrousel Rabat، وهو مشروع تابع لمجموعةٍ إماراتية تستعد لافتتاحه قريبًا في العاصمة الرباط.
الفيديو الذي نشره موقع نيشان وأُشير إلى ترويجه على حساب الوزيرة الرسمي في إنستغرام، فتح الباب على نقاشٍ حادٍّ حول مفهوم الحياد المؤسساتي وحدود استعمال الصورة الحكومية لأغراضٍ تجارية.
للوهلة الأولى، يبدو الأمر زيارة ميدانية عادية لمسؤولةٍ حكوميةٍ في قطاع السياحة.
لكنّ المشهد تغيّر حين تحوّل من “زيارة عمل” إلى لقطة دعائية راقية، تُقدّم فيها الوزيرة الفندق كمنتجٍ مغربيٍّ فاخرٍ يليق بالعاصمة.
فالفندق لم يُفتتح بعد، والوزارة لم تُصدر أي بلاغ رسمي حول الزيارة، مما جعل المقطع يبدو كـ«إعلان ترويجي» مموّل بالصفة الوزارية، لا بالميزانية الإعلانية.
القضية لا تتعلق بالفندق في حد ذاته، بل بما تمثّله الصورة:
وزيرة تستعمل صفحتها الرسمية لترويج علامةٍ تجاريةٍ خاصة، في قطاعٍ تخضع فيه المنافسة لقوانين صارمة ومصالح متقاطعة.
وهنا يبرز السؤال المركزي:
هل من المقبول أن يُستخدم المنصب العمومي في دعايةٍ لفندقٍ أجنبيٍّ قبل افتتاحه، تحت شعار “تشجيع الاستثمار السياحي”؟
القانون المغربي واضح في هذا الباب.
فمدوّنة الأخلاقيات العامة للمسؤولين العموميين (المرسوم 2.22.422 لسنة 2022) تنص على وجوب الحياد وعدم استعمال المنصب لتحقيق منفعةٍ شخصية أو لفائدة الغير.
كما يُلزم الدستور المسؤولين بـ«الشفافية وتجنب تضارب المصالح».
وبالتالي، فحتى إن لم يكن في الفعل خرقٌ صريح للقانون الجنائي، فإنّه يُشكّل خرقًا واضحًا لروح الحياد ويفتح الباب أمام “تسويق النفوذ الناعم”.
الرمزية هنا أقوى من الصورة نفسها.
في بلدٍ يُطالَب فيه المواطن بالتقشف، تُقدَّم مشاهد الرفاهية كوجهٍ رسميٍّ للسياسة العمومية.
وفي زمنٍ يتحدّث فيه المسؤولون عن “الدولة الاجتماعية”، تظهر وزيرةٌ على إنستغرام وسط فندقٍ من فئة الخمس نجوم لتروّج لاستثمارٍ خاصٍّ قبل أن ترى نتائجه النور.
إنه التناقض ذاته الذي يجعل الثقة في المؤسسات تتآكل… حين يُقاس النجاح بعدد المشاهدات، لا بعدد المنجزات.
المسألة ليست قانونية فحسب، بل أخلاقية وسياسية أيضًا.
ففي الديمقراطيات الحقيقية، تُسائل لجنة الأخلاقيات وزيرًا على تغريدةٍ تُوحي بالدعاية، أما عندنا، فقد صار المشهد الفندقي امتدادًا طبيعيًا للبلاغ الحكومي: نفس الصياغة، نفس الإضاءة، ونفس الإخراج الفاخر…
الفرق الوحيد أنّ الفاتورة تُدفع من رصيد الثقة، لا من ميزانية الوزارة.
في المحصلة،القصة ليست “زيارةً بروتوكولية”، بل تجسيد دقيق لطريقة عمل السلطة في زمن الإنستغرام:
حيث تتحوّل الصورة إلى سياسة، والحياد إلى محتوى، والمسؤول العمومي إلى “مؤثرٍ رسمي”.
وهكذا تكتب وزيرة السياحة فصلًا جديدًا من روايةٍ عنوانها الكبير:
من الترويج للوطن إلى تسويق النفوذ… ومن سياسة السياحة إلى سياحة السياسة.
