Morocco Rising in Speech… Exhausted in Detail: Achievements Told More Than Seen
شهدت المحطة السابعة من برنامج “مسار الإنجازات”، المنعقدة يوم السبت 15 نونبر 2025 بجهة الدار البيضاء سطات، ظهوراً بارزاً لعزيز أخنوش، الذي تحدّث بثقة عن “مغرب صاعد”، و“رؤية واضحة”، و“مسار يتحرك بثبات نحو الازدهار”. بدا الخطاب مُحكماً في لغته ومتناسقاً في مفاهيمه، كأنه يرسم لوحة متناسقة لبلدٍ يخطو نحو المستقبل بخطواتٍ واسعة.
غير أن الواقع الذي يعيشه المواطن لا يتحرك بالإيقاع نفسه.
فبينما ترتفع اللغة في المنصات الحزبية، تتراكم التفاصيل المنهكة في حياة الناس: مواعيد طبية تُؤجَّل، أسعار ترتفع بلا فرامل، خدمات تتفاوت من منطقة إلى أخرى، وورش إصلاح يحتاج زمناً أطول بكثير من إيقاع الخطاب.
أخنوش استحضر في كلمته ورش التغطية الصحية باعتباره أحد أعمدة “المسار”.
ومع ذلك، ما يزال هذا الورش الضخم يواجه معضلات التنفيذ: مستشفى يطلب من المرضى اقتناء الأدوية من الخارج، مواعيد تمتد لأشهر، وغياب التوازن بين المركز والهامش في جودة الخدمة. المثال الجريء هنا واضح: إصلاحٌ كبير على الورق… لكنه يتعثر في تفاصيل يومية تُنهك المواطن.
الحديث عن الزيادات في الأجور لم يكن أقل حضوراً.
فقد شدد رئيس الحكومة على استفادة أربعة ملايين مواطن من تحسينات في الدخل، لكن السوق بغلائه المتسارع يلتهم هذه الزيادات قبل أن تُحدث فرقاً في جيوب الأسر.
فالخبز أغلى، والنقل أغلى، والكراء أغلى، والخضر لا تستقر على ثمن. وهكذا يتحول الإنجاز إلى مكسب في الخطاب… لكنه يتلاشى في التفاصيل التي تحكم الحياة اليومية.
ملف السكن بدوره لم يخرج من دائرة التفاؤل.
تحدّث أخنوش عن انتقال أسر إلى السكن اللائق، وهو تحول إيجابي في ذاته، غير أن الصورة العامة ما تزال مثقلة بأسئلة القدرة الشرائية وغلاء العقار، خاصة بالنسبة للطبقة الوسطى التي باتت تقترب من حدود الأزمة. إنجازات موجودة، لكنها محدودة، بينما التحدي أكبر من نطاق التجارب الفردية.
تجارب المصالح الحكومية التي تحسّنت في الرقمنة وتبسيط المساطر تستحق الاعتراف. فقد تغيّر الكثير في نجاعة بعض الإدارات، وتراجعت البيروقراطية في ملفات محدودة.
ومع ذلك، تبقى هذه الإصلاحات ذات أثر تقني أكثر من كونها تحولات اجتماعية واسعة. أشبه بإضاءات صغيرة تُجمّل الممر… لكنها لا تغيّر هندسة المبنى.
وفي خلفية المشهد، تتكرر “تعيينات الخميس” التي تمرّ أسبوعياً في المجلس الحكومي.
تعيينات تبدو إدارية في ظاهرها، لكنها تعكس إعادة رسم هادئة لمراكز النفوذ داخل مؤسسات الدولة، وضخّ أطر جديدة وفق رؤية الأغلبية. إنها إنجازات لا يلمسها المواطن مباشرة، لكنها تُشكّل جزءاً من “المسار” الذي يبنيه الحزب داخل الإدارة بقدر ما يبنيه في الميدان.
جهة الدار البيضاء سطات، التي قدّمها أخنوش باعتبارها “رافعة مستقبلية للتنمية”، تكشف بدورها تناقضاتها الداخلية: إمكانات اقتصادية قوية، وفوارق اجتماعية أعمق؛ استثمارات ضخمة، وضغط خانق على الصحة والتعليم والنقل؛ مداخيل كبيرة، وبطالة مرتفعة بين الشباب.
إنها الجهة التي تلخّص مفارقة المغرب: بلدٌ بقدرة عالية… لكنه يعيش اختلالات متراكمة.
وبين هذا وذاك، تتشكل صورة المغرب الجديدة: بلد يتحرك فعلاً، لكنه يتحرك بسرعتين؛ خطابٌ يصعد نحو السقف، وواقعٌ يتقدم ببطء شديد.
وبين ما يُروى في المنصات وما تُظهره التفاصيل اليومية، يظل المواطن يقيس الإنجاز بميزان الحياة لا بميزان الكلمات.
وتبقى الحقيقة الأوضح: المغرب لا ينقصه الطموح ولا المشاريع، بل يحتاج إلى تنزيلٍ يوازي لغة الخطاب، وإلى أثرٍ يشعر به الناس قبل أن يسمعوه.
فالمسار الذي يرتفع لغوياً قد يتعثر واقعياً… إذا لم تتوازن الرواية مع التفاصيل.
