كشفت مصادر إعلامية عن خضوع عدد من مغاربة الخارج، ممن شرعوا في بناء مساكن شخصية تتجاوز مساحتها 300 متر مربع، لإجراءات ضريبية غير متوقعة، تندرج ضمن ما يُعرف بـ”المساهمة الاجتماعية للتضامن”.
وهي مساهمة إلزامية تُفرض على أصحاب البناءات السكنية الكبرى، بموجب مقتضيات منصوص عليها في “الدليل الضريبي لمغاربة العالم لسنة 2025”.
ورغم أن هذه المساهمة تُقدَّم كإجراء رمزي لا تتجاوز تسعيرته ما بين 60 و150 درهمًا للمتر المربع حسب الشريحة، إلا أن تعقيد المساطر الإدارية المرتبطة بها يجعلها أشبه بفخ محكم لمن لا دراية له بخبايا النظام الضريبي المغربي.
فوفق المعطيات المتداولة، يُعفى كل مسكن رئيسي من هذه المساهمة إذا لم تتعدَّ مساحته 300 متر مربع، أما إذا زادت المساحة ولو بمتر واحد، فإن المبلغ يصبح واجبًا على كامل العقار وليس على الجزء الزائد فقط، مما يُثير استغراب عدد من أفراد الجالية.
وتكمن المعضلة في أن المساهمة لا تقتصر على الدفع فقط، بل تُرافقها سلسلة من التصريحات الإلزامية، تبدأ بإيداع تصريح سنوي مفصل حول كلفة البناء منذ انطلاق الأشغال، يتضمن أسماء الموردين، أنواع المواد، المبالغ المدفوعة، وطريقة الأداء، مرفقًا بشهادة من مهندس معماري أو عقد من نوع “مفتاح في اليد”، وذلك خلال السنة الأولى من الأشغال.
وخلال السنوات التالية، يُطالب المالك بتقديم كشف سنوي يوضح تقدم الأشغال، على أن يودِع، في أجل لا يتجاوز 90 يومًا من تاريخ الحصول على رخصة السكن، تصريحًا خاصًا بالمساهمة الاجتماعية.
وأي إخلال بهذه الشروط قد يترتب عنه غرامات مالية، تأخيرات في تسوية الوضعية القانونية، أو عراقيل في إجراءات البيع لاحقًا.
وتثير هذه المسطرة استياء واسعًا داخل أوساط الجالية، خاصة في ظل ضعف التواصل المؤسساتي وغياب حملات التوعية الاستباقية. فغالبيتهم، بحسب ذات المصادر، لا علم لهم بهذه الإجراءات، خصوصًا أولئك الذين شرعوا في مشاريعهم العقارية بعد سنة 2019، حيث أصبح التطبيق إلزاميًا فور الحصول على رخصة البناء.
ويزيد الطابع المعياري المجرّد للمساهمة من حدة الإشكال، إذ لا تفرّق الإدارة بين من يبني لاستثمار أو للكراء، وبين من يشيد سكناً شخصيًا لأسرته.
“النية لا تُحتسب، بل المساحة هي الفيصل”، يقول مصدر مطلع على الملف، مبرزًا أن ما يُفترض أن يكون تتويجًا لحلم الاغتراب يتحوّل، فجأة، إلى معركة مع الإجراءات، في ظل مناخ من الغموض الضريبي والتعقيد الإداري.
ورغم أن الجهات الرسمية تبرر هذا الرسم برغبتها في ترشيد التصريح بالممتلكات الفخمة وضمان العدالة الجبائية، فإن الأسلوب المعتمد في التواصل، والذي يقتصر غالبًا على دلائل تقنية مكتوبة بلغة متخصصة، يُفضي إلى فجوة في الفهم، ويدفع الثمن فئة لم تُمنح فرصة المعرفة قبل الالتزام.
وهكذا، يجد مغاربة العالم أنفسهم أمام واقع جديد، حيث لا يكفي الحلم بوطن يحتضنهم، بل يجب أن يحيطوا بكل تفاصيله البيروقراطية قبل أن يخطوا أول حجر في “دار العمر”.