لم تمر الأيام الأولى من تفويض توزيع الكهرباء للشركة الجهوية المتعددة الخدمات بجهة الرباط سلا القنيطرة دون ضجيج.
فعدد من الأسر بالجهة فوجئت بفواتير مرتفعة، تجاوزت بكثير ما اعتادت أداءه في عهد المكتب الوطني للكهرباء، وهو ما خلق حالة استياء واسعة عبّرت عنها الساكنة بشكل عفوي على مواقع التواصل الاجتماعي.
الاحتجاج لم يكن موجَّهًا ضد مبدأ التغيير أو تحديث طرق التدبير، بل ضد الغياب التام لأي توضيح رسمي من الشركة حول أسباب هذه الزيادة، التي يصفها البعض بـ”الصادمة”، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها فئات واسعة من المواطنين.
بعض التفسيرات التي راجت بين المواطنين تحدثت عن عودة ضريبة السمعي البصري، إلا أن الواقع يُكذب هذا الافتراض، بما أن الزيادات تفوق 30 درهم بكثير، ما يوحي إما بتغيرات في نظام الاحتساب أو إضافة رسوم غير معلنة.
ما يُثير القلق أكثر هو أن هذه التحولات تجري دون مصاحبة تواصلية واضحة، ودون أي بلاغ توضيحي من الشركة المعنية.
فالخدمات العمومية، وإن كانت تُدار في إطار الجهوية أو عبر شركات، تظل مرتبطة بواجب الشفافية، والحق في الإعلام، خاصة عندما يتعلق الأمر بما يُستخلص من جيوب المواطنين.
الجهوية المتقدمة ليست مجرد عملية إدارية تقنية، بل مشروع سياسي واجتماعي يتطلب قربًا من المواطن، وتواصلاً فعالًا، ووضوحًا في التدبير.
وأي مساس بثقة المواطن، خاصة في ملفات حساسة مثل الطاقة، يُضعف هذا المشروع ويُفقده عمقه الإصلاحي.
المطلوب اليوم من الشركة الجهوية ليس فقط التوضيح، بل تقديم رؤية تواصلية جديدة تُراعي الانتقال الحاصل، وتُقدّر ذكاء المواطن الذي لم يعد يتقبل ارتفاع الأرقام دون تفسير.
الكهرباء قد تصل إلى المنازل بكفاءة، لكن الثقة حين تنقطع… يصعب إعادتها بالكيلواط.