جلس رئيس الحكومة عزيز أخنوش، يوم الأربعاء بالرباط، على رأس لجنة القيادة المكلفة بـ”عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر، ليعلن عن مرحلة جديدة من مشروع يوصف بالاستراتيجي والواعد.
الأرقام ضخمة، واللغة براقة، لكن وراء الخطاب الرسمي تتراءى أسئلة معلقة حول الجدوى، والشفافية، ومنطق الأولويات.
كشفت مصادر إعلامية أن اللجنة صادقت على توقيع عقود أولية لحجز الوعاء العقاري لفائدة خمسة مستثمرين وطنيين ودوليين، لإنجاز ستة مشاريع كبرى بكلفة تقدر بـ319 مليار درهم.
أرقام قياسية تستعمل عادة لإبهار الرأي العام، لكنها تخفي أن كل هذا الاستثمار سيرتكز على عقار عمومي، وعلى بنية تحتية من كهرباء وموانئ ومحطات تحلية مياه ما تزال في طور التخطيط، ما يعني أن الكلفة الفعلية قد تتجاوز بكثير ما أُعلن عنه.
أكثر من ذلك، المشروع الأول “شبيكة 1” أُعلن عن نجاح مرحلته التمهيدية في الآجال المحددة، دون أن يكشف البلاغ عن تفاصيل دقيقة حول الإنجاز، ولا عن معايير تقييمه. كيف يمكن الحديث عن “نجاح” في مشروع لم يتجاوز بعد الدراسات المتقدمة؟
يصر رئيس الحكومة على أن اختيار المشاريع يتم وفق “منهجية علمية وشفافة”، غير أن التجربة المغربية مع الصفقات العمومية والصناديق الخصوصية تجعل الشك أكبر من التصديق.
خصوصاً حين يتعلق الأمر بقطاع استراتيجي عالمي، يُنظر إليه كـ”ذهب الطاقة الجديد”، حيث تتهافت الشركات الأجنبية بواجهات محلية لضمان مواقع نفوذ مستقبلية.
الرسالة الرسمية واضحة: المغرب يريد أن يتموقع كمركز إقليمي للهيدروجين الأخضر.
لكن الرسالة الضمنية لا تقل وضوحاً: الأراضي العمومية، الموارد المائية النادرة، والبنية التحتية الوطنية تُفتح على مصراعيها لاستثمارات أجنبية في لحظة اقتصادية واجتماعية متوترة، حيث المستشفيات تحتضر، والمدارس تتداعى، والبطالة بين الشباب في تصاعد.
إن “عرض المغرب” في الهيدروجين الأخضر قد يكون فرصة تاريخية، لكنه قد يتحول أيضاً إلى عنوان جديد لاقتصاد الريع المقنع، إذا غابت آليات الرقابة والمحاسبة.
فهل نحن أمام مشروع استراتيجي يفتح الباب لمستقبل طاقي متجدد، أم مجرد واجهة باذخة لمعارض الاستثمار، تُعرض فيها أرقام فلكية فيما يظل المواطن العادي خارج الحسابات؟
