حين يغيب المجلس الحكومي لشهر كامل، لا يعود الأمر مجرد تفاصيل بروتوكولية، بل خرق صريح للدستور وضرب في الصميم لمبدأ انتظام المؤسسات.
فمنذ 24 يوليوز 2025، لم ينعقد أي اجتماع للمجلس الحكومي، في تناقض صارخ مع ما ينص عليه القانون التنظيمي رقم 065.13 الذي يؤطر عمل السلطة التنفيذية، إذ يُلزم بانعقاد مجلس الحكومة مرة واحدة على الأقل كل أسبوع، إلا إذا وُجد مانع قاهر.
غير أن ما يثير الريبة هو صمت الحكومة نفسها. فبدل أن تقدم للرأي العام تفسيرًا واضحًا، فضّلت الاحتماء بالسكوت وكأن الأمر لا يعنيها.
هذا الغياب الطويل لم يُحدث فراغًا شكليًا فقط، بل عرّى ارتباكًا هيكليًا داخل الجهاز التنفيذي، وأظهر أن القرارات الكبرى مؤجلة إلى أجل غير مسمى، بينما المواطنون يواجهون أزمات يومية في الأسعار، والصحة، والتعليم.
المجتمع السياسي والمدني معًا يتساءل: كيف يمكن لحكومة تدّعي الإصلاح أن تتوقف عن الانعقاد في لحظة تحتاج فيها البلاد إلى تسريع وتيرة القرارات؟ كيف تُدار قضايا وطنية ملحّة في غياب آلية التنسيق الأولى داخل السلطة التنفيذية؟ وإذا كان المونديال يقترب، والملفات الاجتماعية تتراكم، فمن يُدبّر فعليًا الشأن العام؟
غياب المجلس الحكومي ليس عطلة صيفية، بل عنوان لسياسة تُدار بالفراغ والانتظار، وتكشف أن الحكومة الحالية لا تحترم لا الدستور ولا منطق الحكامة.
إنها حكومة تفضح نفسها بنفسها: غياب في الاجتماعات، غياب في التواصل، وغياب في مواجهة أولويات الشارع.
