من حوار تلفزيوني محسوب بدقة إلى ردّ سياسي محمّل بالعتاب، يتحول النقاش حول حصيلة الحكومة إلى ساحة لتبادل الطعون بين رئيس حالي ورئيس سابق.
سعد الدين العثماني اختار أن يكسر الصمت، فواجه عزيز أخنوش بحقائق تقطع مع خطاب الإنكار، مذكّراً المغاربة بأن رئيس الحكومة لم يكن خصماً للحكومات السابقة، بل كان وزيراً فيها وفاعلاً أساسياً في قراراتها.
الرسالة التي بعث بها العثماني لا تقتصر على الدفاع عن تجربته أو تجربة عبد الإله بن كيران، بل على كشف ما وصفه بـ”التحريف المتعمد” للوقائع.
فتصريحات أخنوش، بحسبه، تقوم على ثلاثية الإنكار والاستئثار والإدبار: إنكار للمنجزات التي تحققت، استئثار بما ليس له، وإدبار عن تحمّل مسؤولية الإخفاقات الراهنة.
في قلب المواجهة يطفو مجدداً ذلك “القاسم الانتخابي الغريب”، الذي بُني على عدد المسجلين لا المصوتين، فأفرز مشهداً سياسياً مشوّهاً، وبرلماناً تحكمه الحسابات الباردة بدل الشرعية الشعبية. العثماني وصف هذا الاختيار بـ”التشويه الفاضح للعملية الانتخابية”، معتبراً أنه كان المنعطف الذي بدّل قواعد اللعبة وأهدى للحزب القائد للحكومة أغلبية رقمية لا تعكس وزناً سياسياً حقيقياً.
ولم يفت العثماني أن يذكّر بالدستور، الذي خوّل لرئيس الحكومة الإشراف السياسي على الانتخابات عبر المشاورات مع الأحزاب، وهو ما جرى في 2016 و2020 دون أن يُطعن في نزاهته. الإخفاق، حسب قوله، لم يكن في آلية الإشراف بل في فرض القاسم الانتخابي الذي شوّه العملية برمتها.
أما ما تبقى من الملفات الثقيلة، من الماء إلى التغطية الصحية إلى ميثاق الاستثمار، فقد قرأ فيها العثماني مجرد هروب إلى الأمام. إذ لا يعقل أن يُلقى اللوم على حكومات سابقة في وقت يتحمّل فيه رئيس الحكومة كامل المسؤولية عن تنزيل الالتزامات التي تعهد بها.
رد العثماني إذن لم يكن مجرد تصحيح لمعطيات خاطئة، بل فضح لبنية سياسية هشة بُنيت على هندسة انتخابية مسمومة.
والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل تكفي حكومة أرقام وشرعية مشوهة لمواجهة أزمات الماء والتعليم والصحة؟