مشروع عقاري بملايير الدراهم تحوّل بين ليلة وضحاها إلى ركام مدفون تحت التراب.
الجرافات نزلت، اللوحات الإعلانية اختفت، والأساسات الإسمنتية جُرفت، وكأن 11 هكتارًا لم تكن في الأصل إلا وهماً على الورق. لكن الفضيحة الحقيقية ليست في الهدم، بل في السؤال: من سمح أصلاً لمشروع “هرهورة بارك” أن يرى النور خارج القانون؟
كشفت مصادر إعلامية أن المعطيات وحدها تكفي لكتابة تقرير أسود: عقار تُقدّر قيمته بـ 30 مليار سنتيم، سُلِّم لمقاول نافذ مقابل 320 مليون سنتيم في السنة.
فتات لا يكفي لتمويل طريق قروي، في مقابل فيلات بــ أزيد من مليار سنتيم للواحدة، وإقامات فاخرة ومركز تجاري للأثرياء.
هل هذه هي العدالة المجالية التي تبشّر بها الخطب الرسمية؟
وتضيف نفس المصادر أن القصة بدأت حين جرى ضم عقار جماعة عين عتيق إلى تراب الهرهورة سنة 2021.
بعدها مباشرة، وُضع دفتر تحملات على المقاس، وقفزت الشركة على كل المساطر، لتشرع في أشغال سريعة، تحت حماية صمت رسمي مطبق. لا أحد من المسؤولين رفع صوته، ولا أحد من المراقبين اعترض.
وحين انكشف المستور، جاء الحل بلمسة باردة: ادفنوا الإسمنت، وادفنوا الحقيقة معه.
الجرافات اشتغلت ساعات، لكن لا أحد من المواطنين شاهد وزير الداخلية في الميدان، ولا لجنة افتحاص من الوزارة الوصية. الغياب هنا أخطر من الفضيحة نفسها: من يحرس القانون حين يتحوّل القانون إلى ورق بلا معنى؟
وبحسب نفس المصادر، فإن إعفاء عامل تمارة السابق تم تسويقه كأنه “الإجراء الحازم”، بينما الحقيقة أن “هرهورة بارك” أكبر بكثير من مجرد اختلال إداري.
القضية تكشف شبكة نفوذ ممتدة من جماعة الهرهورة إلى ولاية الرباط، مروراً بعمالة تمارة، وكلها خيوط تنتهي عند مقاول واحد “محظوظ”.
اليوم، المواطن البسيط يطرح أسئلة لا تحتاج إلى لجان:
من أعطى الضوء الأخضر لمشروع غير قانوني؟
من وقّع على الصفقة بثمن بخس مقابل عقار بملايير؟
لماذا غابت وزارة الداخلية؟
إن كان القانون يطبّق فعلاً، فالتحقيق يجب أن يبدأ من الأعلى، لا أن ينتهي بضحايا صغار. ودفن الإسمنت تحت التراب لن يدفن حقيقة أن العقار العمومي في المغرب صار أكبر خزّان للريع والامتيازات، بينما المواطن يبحث عن سكن اجتماعي لا يتجاوز 30 مليون سنتيم.